أولاً: الكمال لا يمكن أن يتصور أو يتوقع من أحد، وإذا كان للإنسان بذل قدر زائد على الواجب فلا بد أن يكون له تبعات، وهذه التبعات قد تؤثر على العمل الأصلي، وإذا نظرنا إلى النوعيات التي تستفيد منه في العمل الأصلي وفي العمل التطوعي، تجده يحضر عنده في العمل الأصلي من يستفيد ومن لا يستفيد، إضافة إلى أن العمل الأصلي فيه ما يدعو إلى شيء من الخلل، يعني أخذ الحضور مثلاً، معاتبة طالب نائم وإلا منشغل وإلا كذا، هذه مطلوبة من المدرس، لكنها على حساب العمل يعني، بينما عمله التطوعي تجده صافي لطلاب ينتفعون، ما جاءوا إلا للانتفاع والنية والإخلاص فيه أقرب، لكن مع ذلك مهما بذل يجب عليه أن يسعى لإبراء ذمته من عمله الأصلي الذي يأخذ عليه أجراً، يجب عليه أن يسعى لإبراء ذمته، لكن إذا حصل خلل من غير قصد ولا تفريط، ثم كان له عمل تطوع بذل في غير الوقت الأصلي فإنه على الجادة على القاعدة، يكمل له العمل الأصلي -إن شاء الله تعالى-، لكن لا يقول: أنا ما عندي طلاب في الجامعة، طلاب يعني ولو عشرة بالمائة طلاب علم، فأوفر الجهد والتحضير والاهتمام لدروس المسجد، نقول: لا يا أخي، أنت عملك الأصلي هو الذي تأخذ عليه أجراً، إذا كنت لا تطيق الجمع بين الأمرين فلا يجوز لك أن تفرط في العمل الذي تأخذ عليه أجراً، وإن نازعتك نفسك وعجزت عن المقاومة ففي مجالات أخرى يعني، بإمكانك أن تستقيل أو تتقاعد أو .. ، ثم تتجه إلى ما تراه أنفع.
على كل حال القاعدة مطردة، العمل التطوعي يكمل منه العمل الواجب، وهذه هي الحكمة من مشروعية هذه النوافل، في حديث ابن عمر عشر ركعات وفي حديث أم المؤمنين اثنتي عشرة ركعة، فإذا جمعنا هذه الركعات العشر مع الفرائض السبع عشرة نحتاج إلى تكميل الأربعين إلى ثلاث عشرة، ابن القيم -رحمه الله- يقول: "من طرق الباب أربعين مرة يوشك أن يفتح له" "كيف؟ سبع عشرة الفرائض، وثنى عشرة الرواتب وإحدى عشرة صلاة الليل، كم يكون المجموع؟ يكون المجموع أربعين، وإذا قلنا: إن الرواتب عشر على حديث ابن عمر يحتاج في صلاة الليل أن يصلي ثلاث عشرة، وهي ثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في الصحيح.