"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: حفظت من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر ركعات" يعني يمكن أن يقال: إنه حفظ هذه العشر من مرة واحدة فلا يدل على لزوم العشر، أو أنه من تكررها حفظها ابن عمر؟ لا سيما وأنه يوجد ما يخالف هذا الحديث في العدد، حفظت من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر ركعات، وهل الذي يحفظ القول أو الفعل؟ يعني هل رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- يفعلها أو سمعه يحث عليها؟ يعني الحفظ خاص بالقول أو يعم القول والفعل؟ يعم القول والفعل.
"حفظت من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها" وسيأتي في حديث أم المؤمنين أنها أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين بعدها، ويأتي أيضاً ما يدل على أنها أربع ركعات قبل الظهر، وأربع ركعات بعدها، وعلى هذا تكون الرواتب المتعلقة بالفرائض الخمس عشر على حديث ابن عمر، أو اثنتا عشرة، أو أربعة عشرة.
والحكمة من شرعيتها أنها يرقع بها الخلل التي في الفرائض، فأول ما يحاسب عليه العبد من دينه الصلاة، فإن وجدت تامة فقد أفلح وأنجح، وإن وجدت ناقصة قال الله -جل وعلا-: ((انظروا هل لعبدي من تطوع؟ )) من أجل أن يكمل النقص من التطوع، وهكذا في جميع العبادات إذا وجد خلل في الفرض يكمل من التطوع، فالصلاة المفروضة يكمل نقصها من التطوعات، هذا يجعل المسلم يحرص على التطوع؛ لأن النقص والخلل والسهو والغفلة أمور ملازمة للإنسان مهما بذل وحرص على الكمال، فإن الخلل لا بد أن يقع؛ فليحرص على ما يكمل به هذا النقص، وهذا الخلل من الرواتب المذكورة ومن غيرها؛ لأنها قد لا تفي هذه الرواتب برفع الخلل الواقع في الفريضة وقل مثل هذا في الزكاة، ومثل هذا في الصيام في الحج وغيرها.