"يقرأ بالستين إلى المائة" هذه القراءة بقراءة -عليه الصلاة والسلام-، وكانت قراءته -عليه الصلاة والسلام- مداً، فهو يرتل، لكنه أحياناً يرتل أكثر من المعتاد، وأحياناً يقلل، فكان يقرأ بالسورة حتى تظن أنها أطول من السورة التي هي أطول منها، فالترتيل درجات، وأيضاً الآيات متفاوتة، بعض الآيات أضعاف أضعاف آيات أخرى، وعندنا سورة المائدة جزء وورقة إلا ربع، ومع ذلك آياتها مائة وعشرين، نعم كم آيات المائدة؟ عندكم المصحف؟ مائة وعشرين، والشعراء نصف جزء وآياتها مائتان وكم؟ ثمان عشرة، يعني أكثر بمائة آية تقريباً، وهي أقل من نصفها، فهل الآيات التي يقرأها النبي -عليه الصلاة والسلام- بالستين إلى المائة من مثل آيات المائدة، أو مثل آيات الشعراء أو الصافات مثلاً أو الرحمن؟ لا شك أن الآيات متفاوتة وقراءة الستين من المائدة تحتاج من الوقت أضعاف ما يحتاجه قراءة الستين أو المائة من الشعراء مثلاً، والمراد بمثل هذا إذا أطلق الأوساط، يعني آيات متوسطة، وهل يقرأ بهذا المقدار في الركعة الواحدة أو في الركعتين؟ احتمال، كان يقرأ بالستين إلى المائة احتمال، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قرأ في صلاة الصبح آلم السجدة، وسورة الإنسان، وقرأ بسور أخرى، قرأ بسورة المؤمنون، وقرأ بأطول، وقرأ بأقل، المقصود أنه ليست هناك حد محدد من الآيات للقراءة في الصلاة، بل السنة أن يقرأ أحياناً كذا، وأحياناً كذا، وثبت عنه أنه قرأ بـ {إِذَا زُلْزِلَتِ} [(1) سورة الزلزلة] في الركعتين في صلاة الصبح، ومع ذلك السنة أن تطول القراءة في صلاة الصبح، ولذا جاء تسميتها بقرآن الفجر، ولاستماع قراءة صلاة الصبح شأن عظيم، وهي صلاة مشهودة، ومن أراد أن يقف على شيء من ذلك فليطالع طريق الهجرتين لابن القيم، ولا شك أن لها تأثيراً في القلب؛ لأنها بعد راحة، وهذا لمن كان على الجادة، على الفطرة ينام بالليل وينتبه لصلاة الصبح، ويتدبر ما يقرأ، ويقرب من الإمام، وصلاة الصبح تطول فيها القراءة كما قالت عائشة: "أول ما فرضت الصلاة ركعتين، فزيد في الحضر، وأقرت صلاة السفر إلا المغرب فإنها وتر النهار، وإلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة".
ثم قال -رحمه الله تعالى-: