الرواية الأخرى: ((عن يساره أو تحت قدمه)) يبصق عن يساره أو تحت قدمه، طيب قد يقول قائل: إذا كانت العلة في النهي عن البصاق عن جهة اليمين لأن فيها ملك، الجهة الشمال أيضاً فيها ملك، الذي يكتب الحسنات عن جهة اليمين، والذي يكتب السيئات عن جهة اليسار؟ هل نقول: إن هذا التكريم خاص بملك اليمين الذي يكتب الحسنات وأما بالنسبة لملك السيئات لا خصوصية له في هذا فيبصق عن اليسار ولو كان الملك عن يساره؟ أو نقول: إن هذا في الصلاة؟ لا يبصق عن يمينه لأنه في الصلاة، يباشر حسنات، وملك السيئات إما أن ينتقل إلى جهة اليمين حال الصلاة، أو أنه لا يوجد لعدم وجود الداعي، هذا قاله بعض الشراح؛ لماذا؟ لأن الإشكال الوارد ((فلا يبصق عن يمينه؛ لأن عن يمينه ملكاً، ولكن عن يساره)) أوردوا عليه أيضاً أن على اليسار ملك، فقالوا: إن التكريم خاص بملك اليمين الذي يكتب الحسنات، والنص دليل على أنه يبصق عن يساره، ولو كان فيه ملك الشمال الذي يكتب السيئات، فهذه من خصوصيات ملك اليمين، لكن ملك اليمين وملك الشمال كلاهما من الملائكة الذين لهم المنزلة عند الله -جل وعلا-، ولا يعني كونه يكتب السيئات أن منزلته أقل، لكن أمامنا نص صحيح صريح، ولا بد من البصاق، يعني ليس الإنسان مخير في البصاق وعدمه هذه حاجة لا بد من دفعها، وعرفنا أن تلقاء وجهه جهة القبلة، وأيضاً عن يمينه ملك، وجهة اليمين مشرفة، وجهة اليسار لا شك أنها أقل من جهة اليمين في الشرف في نصوص، وفي مواضع كثيرة من الأحكام الشرعية، يعني إذا استنجى بشماله نقول: إن ملك الشمال ممتهن في هذه الحالة؟ هذه أمور لا بد منها، وإذا كان الخيار بين جهتين في أمر لا بد منه فليكن التكريم لجهة اليمين دون جهة الشمال.