وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو في الصلاة: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم)) فقال له قائل: ما أكثرُ ما تستعيذ من المغرم.
أكثرَ، أكثرَ.
ما أكثرَ ما تستعيذ من المغرم فقال: ((إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف)) متفق عليه، واللفظ للبخاري.
يكفي.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا تشهد أحدكم)) " إذا تشهد يعني فرغ من التشهد، إذا فرغ من التشهد، وفرغ بعد ذلك من الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- الصلاة الإبراهيمية التي سبقت في درس الأمس، وجاء ما يدل على أن المراد بالتشهد هو التشهد الآخر كما في اللفظ الذي يشير إليه المؤلف بعد ذلك، فالدعاء محله التشهد الأخير لا الأول؛ لأن الأول مبني على التخفيف، حتى جاء في وصفه -عليه الصلاة والسلام- وهو في التشهد الأول أنه كأنه على .. ، على إيش؟ الرُضف أو الرْضف، على الضبطين يعني الحجارة المحماة، مما يدل على أنه يستعجل في هذا، وإن كان الحديث فيه ما فيه، يعني تكلموا فيه عند أهل العلم.
على كل حال التشهد الأول مبناه على التخفيف، فالدعاء إنما يكون بعد التشهد الأخير.
((فليستعذ بالله)) والسين والتاء للطلب، يعني فليطلب الإعاذة من الله -جل وعلا-، أو بالله -جل وعلا- والطلب من الله، واللام لام الأمر ((فليستعذ بالله من أربع)) يطلب من الله -جل وعلا- أن يعيذه من هذه الأربع.
اللام هذه لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، وقال به الظاهرية، وطاوس بن كيسان من جلة التابعين أمر ابنه أن يعيد الصلاة كما في صحيح مسلم لما لم يستعيذ من هذه الأربع، أمره أن يعيد الصلاة، فدل على أنها واجبة عنده، وعامة أهل العلم على أنها سنة، وليست بواجبة، وإن كان الأصل في الأمر الوجوب.