((إنك حميد مجيد)) حميد فعيل، ومجيد كذلك، حميد فعيل بمعنى فاعل، يعني حامد، فالله -جل وعلا- حامد، وهو أيضاً فعيل بمعنى مفعول يعني محمود، محمود بكل لسان، فالحمد منه وله -جل وعلا-، والمجيد المجد الشرف، وله منه الغاية -جل وعلا-.
((والسلام كما قد علمتم)) فيما تقدم "رواه مسلم" إلى آخره، انتهينا من هذا الحديث؛ لأن الزيادة هذه شرحت.
سم.
وقال -رحمه الله-:
وعن أبي بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: علمني دعاءً أدعو به في صلاتي؟ قال: ((قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم)) متفق عليه.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال)) متفق عليه، واللفظ لمسلم.
وفي لفظ له: ((إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر فليتعوذ بالله من أربع)).
يكفي، يكفي.
هذا يقول: ألا يمكننا القول بأن الكاف في قوله: ((كما صليت)) إنما هي لتشبيه الفعل بالفعل، مثل ما ورد في حديث: رؤية الله في الجنة، فليس هناك تشبيه لله بالقمر؟
يعني تشبيه رؤية برؤية، لا المرئي بالمرئي، قررنا مراراً في هذا الدرس وفي غيره أن التشبيه لا يقتضي المطابقة من كل وجه، التشبيه لا يقتضي المطابقة من كل وجه، بل إذا وجد التشبيه من وجه كفى، كما في تشبيه الرؤية بالرؤية، وكما في تشبيه البروك الذي ذكرناه ببروك البعير، ومثل التشبيه أيضاً تشبيه الوحي بصلصلة الجرس، ومثل تشبيه أول زمرة تدخل الجنة على صورة البدر، فما في أحد يقول: إن أول زمرة تدخل الجنة في الاستدارة للتشبيه من كل وجه، إذ لا يوجد في القمر عينان ولا أنف ولا فم، هل نقول: إن أهل الجنة بدون هذه الأشياء؟ لا، التشبيه من وجه دون وجه، وهذا الكلام له وجه أيضاً.
فالتشبيه ((كما صليت)) يعني في الاشتهار والانتشار، لا في القدر المذكور، ثم بعد ذلك يؤول إلى ما قررناه سابقاً.