"يصلي العصر والشمس مرتفعة حية، فيذهب الذاهب إلى العوالي والشمس مرتفعة" يعني الشمس مرتفعة وحية معناهما واحد، وبيضاء نقية أيضاً مما يدل على أنه -عليه الصلاة والسلام- يصليها في أول وقتها، ولا يؤخرها إلى أن تصفر، إنما يصليها في أول وقتها.
"وفي رواية البخاري: وبعض العوالي من المدينة على أربعة أميال أو نحوه" يعني أربعة أميال سبعة كيلو، والسبعة كيلو تحتاج في المشي على الأقدام إلى كم؟ الكيلو يحتاج إلى عشر دقائق إلى سبعين دقيقة، ساعة وربع، أو ساعة وعشر دقائق، وتبقى بيضاء نقية مرتفعة حية، يدل على أنه يصليها في أول وقتها، والحنفية يؤخرونها إلى مصير ظل الشيء مثليه؛ لأدلة إجمالية لا مستمسك فيها، ويتركون مع ذلك الأدلة الصحيحة الصريحة.
قال: "وبعض العوالي من المدينة على أربعة أميال ونحوه" قدرناها بسبعة كيلو، سبعة كيلو تحتاج إلى سبعين دقيقة على الأقل؛ لأن الكيلوات إذا قدرنا الكيلو الواحد بعشر دقائق فيمكن الكيلو الأخير يحتاج إلى ربع ساعة؛ لأن مشي الإنسان في أوله ليس مثل مشيه في آخره، إذا تعب يعني طال الزمان بالنسبة للمسافة، وعلى كل حال تأخير الصلاة أكثر من ساعة، ومع ذلك الشمس حية مرتفعة بيضاء نقية فيه دلالة صريحة على أن صلاة العصر تصلى في أول وقتها، فعندنا الصبح بغلس في أول وقته الظهر في أول وقتها ما لم يشتد الحر، العصر أيضاً الحديث دليل على أنها تصلى في أول وقتها.
"وعن رافع بن خديج -رضي الله تعالى عنه- قال: "كنا نصلي المغرب مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله" ومعروف أن موضع النبل قريب وإلا بعيد؟ بعيد، بعيد يعني احتمال لو أن النبل رمي يصل إلى ذلك الجدار الذي هو وراء الشارع، فكونه يبصر موقع النبل من ذلك الجدار دليل على أن الظلام ما دخل إلى الآن، إسفار يعني ما زال الضحاح -ضحاح الشمس- باقي، وأثرها باقي.