الرزق هو ما يكتبه الله -جل وعلا- لابن آدم، ويصل إليه مدة حياته، سواءً كان من حلال أو من حرام، كله رزق، خلافاً للمعتزلة الذين يقولون: إن كسب الحرام ليس برزق، وورد عليهم كما ذكر القرطبي وغيره أن صبياً لو سرقه لصوص من ولادته، سرقه لصوص فصاروا يطعمونه مما يسرقونه، ثم مات على رأي المعتزلة أنه ما استوفى من رزقه شيء ألبتة، ولا شك أن ما يصل الإنسان رزق على كل حال، ويبقى أنه إن كان من حله وصرف في حله يكون مما يؤجر عليه، أو يكون سبباً لشقائه وعذابه في دنياه وأخراه.
وعند الترمذي وابن ماجه: ((واجبرني)) بدل ((وعافني)) وأقول: لا مانع من أن تثبت الألفاظ السبعة شريطة أن ينظر في سند الترمذي وابن ماجه.
((واجبرني)) الجبر يكون للكسر، وكسر كل شيء بحسبه، وهو نقصه، فجبر كسر العظم معروف انفصال بعض أجزائه، وجبره بالجبائر المعروفة الحسية، كسر المال بنقصانه بالخسائر فيجبر، جبر الخاطر مثلاً بانكسار النفس إذا انكسرت النفس يجبر الخاطر، كسر الدين بنقصه بالمخالفة.
وكل كسر فإن الدين يجبره ... وما لكسر قناة الدين جبران
فالإنسان يطلب من الله -جل وعلا- أن يجبر كسره أياً كان، سواء كان في بدنه، أو في ماله، أو في ولده، أو في دينه، أو في غيره، والجبر يكون للخلل في الإنسان عموماً في أعماله، في أقواله، في تركيبه، ودم الجبران معروف لخلل وقع في النسك، فالإنسان يطلب من الله -جل وعلا- أن يجبر هذا الخلل فيه، فإن كان فيه ضعف في بدنه يطلب من الله -جل وعلا- أن يجبر هذا الخلل، إن كان هناك ضعف في عقله يطلب من الله -جل وعلا- أن يجبره في هذا المجال، إذا كان هناك ضعف في فهمه يطلب من الله -جل وعلا- أن يجبر هذا الخلل وهذا الضعف، إن كان هناك ضعف في حافظته مثلاً وهو طالب علم، ويعاني أشد المعاناة من الحفظ يطلب من الله -جل وعلا- أن يجبر هذا الخلل.