على كل حال هذا جمع طيب في الجملة، لكن مثل هذا ما يخفى، هذا ذكر الشوكاني أكثر منه، وغيره من الشراح، ذكروا أكثر مما ذكر في هذه الورقة، وما زال الأمر على ما قررنا من أننا إذا فهمنا معنى البروك ارتفع الإشكال، ولا قلب ولا شيء، لكن الناس لا سيما ممن له عناية بابن القيم وكتب ابن القيم، وابن القيم أوتي بيان، وأوتي اطلاع واسع، فإذا قرر شيئاً تجده يهجم على القلب قبل غيره، ثم بعد ذلك يغلق المنافذ خلاص "إذا قالت حذام فصدقوها" وأعظم منه شيخ الإسلام إذا قال كلام خلاص ما نقبل معه شيء، ولسنا مطالبين بالاقتداء لا بشيخ الإسلام ولا بأحمد ولا بابن القيم ولا بغيرهم مع أنهم أئمة من الأولياء الصالحين، ومن العلماء العاملين الربانيين، وما عرفنا العلم إلا عن طريقهم، وما تعلمنا إلا على كتبهم، لا يعني هذا أننا نتنقصهم، لكن هذا دين، فالذي يترجح عنده شيء يعمل به.
والمسألة يعني طرقناها مراراً وكررناها، فلا داعي لتكرار ما ذكر في مناسبات أخرى، فهذا لعله يكفي في كشف المراد.
ثم بعد ذلك يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار بيده على أنفه-)) " الإشارة تكون بـ (على) أو (إلى) أشار على الباب أو أشار إلى الباب؟ نعم إلى، ولكنه عدي بـ (على) ليضمن المعنى أمّر بيده على أنفه، أو مر بيده على أنفه.
((أن أسجد على سبعة أعظم)) أولاً: "أُمرت" فعل مبني للمجهول، والفاعل محذوف للعلم به؛ لأنه هو الله -جل وعلا-، إذا لا آمر للنبي -عليه الصلاة والسلام- في القضايا الشرعية إلا الله -جل وعلا-، ويحذف الفاعل للعلم به {وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} [(28) سورة النساء] الخالق معلوم.
((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) الآمر معلوم، (سُرق المتاع) حذف للجهل به، وقد يحذف للخوف منه (ضُرب زيد) أو (ظُلم زيد) المتكلم لا يستطيع أن يقول: ظلم الأمير زيداً، يخاف منه، وقد يكون لتعظيمه، وقد يكون لتحقيره، وقد يكون لأمور كثيرة، وهنا للعلم به، فالآمر هو الله -جل وعلا-، إذ لا آمر للنبي -عليه الصلاة والسلام- في القضايا الشرعية إلا الله.