((أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو ترى له)) الصالحة والصادقة هذه من الوحي، جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة، وأول ما بدء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الوحي الرؤيا الصادقة، وفي رواية: الصالحة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح.
((يراها المسلم)) بنفسه له ((أو ترى له)) يراها غيره له ((ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً)) وهذا هو الشاهد من الحديث؛ لأن الحديث عن الركوع والسجود، القرآن فرض القيام، أو ذكر القيام، وأما بالنسبة للركوع والسجود فالتنزيه، الأصل فيه سبحان ربي العظيم، وسبحان ربي الأعلى، ثم بعد ذلك ما يأتي من قوله: ((فأما الركوع فعظموا فيه الرب -عز وجل-، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء)).
((ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن)) والناهي له هو الله -جل وعلا- ((أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً)) وعلى هذا فلا يجوز قراءة القرآن في حال الركوع ولا في حال السجود، وأطلق بعضهم التحريم، وهو مقتضى النهي، وإن حمله بعضهم على الكراهة، لكن إن كان القرآن لا يراد به التلاوة، وإنما هو دعاء فيدعو به في السجود؛ لأنه دعاء وليس بتلاوة، ((ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً)) وبعضهم يرى بطلان الصلاة إذا قرأ في حال الركوع، أو في حال السجود.
وبعض الناس إذا شرع في سورة خلف الإمام ثم ركع الإمام وبقي من السورة آية أو آيتين أو ما أشبه ذلك تجده يتمهما في حال الركوع، ثم ينوي الركوع، وهذا داخل في النهي، مجرد ما تهوي للركوع أو تهوي للسجود اقطع القراءة، لا يجوز أن تقرأ وأنت راكعاً أو ساجداً ((ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً)) يعني حال كوني راكعاً أو ساجداً.
ثم جاء بالفاء التفريعية: ((فأما الركوع)) وأما تفصيل ((فأما الركوع فعظموا فيه الرب -عز وجل-)) سبحان ربي العظيم يكررها، سبوح قدوس، رب الملائكة والروح، وسبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي، على ما سيأتي.