"وعن فليح قال: حدثني عباس بن سهل قال: اجتمع أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة" جمع من الصحابة اجتمعوا "فتذاكروا صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وأبو حميد كما في الحديث الصحيح في عشرة من أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- وصفَ صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهم يتذاكرونها، وهم يتدارسونها؛ لأنهم أمروا بأن يصلوا كما كان يصلي -عليه الصلاة والسلام-، والعلم مظنة للنسيان، والحفظ كما يقول أهل العلم خوان، فلا بد من المذاكرة، لا بد من مذاكرة العلم ليثبت، وهذه سنة مندرسة لا تجد من طلبة العلم من يجتمع الخمسة والستة والعشرة يجتمعون يتذاكرون في باب من أبواب الدين؛ ليذكر بعضهم بعضاً، وليذكر بعضهم بعضاً ما خفي عليه، هؤلاء صحابة اجتمعوا، أبو حميد الساعدي وأبو أسيد، وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة، ذكروا صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الإنسان مع طول العهد ينسى ويهم؛ لكنهم تذاكروا ليذكر بعضهم بعضاً.
"فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يقول هذا على سبيل الإخبار، ومن أجل أن يفقه عنه ما يقول، لا على سبيل التكبر والاغترار "أنا أعلمكم بصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" عرفنا أن الإنسان قد يقول مثل هذا الكلام من أجل أن يحفز همة السامع، تجد في كلام الأئمة العلماء المحققين كابن القيم وغيره من يغري بكلامه، ويقول: عليك بهذا الكلام، علك ألا تجده في مصنف آخر ألبتة، لا يقول ذلك تكبراً ولا تشبعاً، وإنما يقوله من باب الإغراء بهذا الكلام لينتفع به، وقد يقوله من يترفع به على غيره، لكن الناس على ما ذكرنا سابقاً مقامات، هل يظن بمثل ابن القيم أن يترفع بمثل هذا الكلام، أو يتكثر به، أو يتزيد به؟ لا يظن به مثل هذا، والقرائن هي التي تحدد وترجح هذا أو ذاك.