مسألة كبرى خلافية بين أهل العلم، والكلام فيها طويل، وفيها مؤلفات ومصنفات لجمع من أهل العلم للخطيب كتاب، ولابن عبد البر كتاب، وللذهبي كتاب، جمع من أهل العلم صنفوا في المسألة، لكن يجمع أهل العلم على أن البسملة بعض آية في سورة النمل، هذا محل إجماع لا خلاف فيه، كما أنهم يجمعون على أنها ليست بآية في أول التوبة، والخلاف فيما عدا ذلك في مائة وثلاث عشرة سورة، هل هي آية من كل سورة فتكون مائة وثلاث عشرة آية من القرآن؟ أو ليست بآية مطلقاً؟ أو آية من الفاتحة فقط؟ أو آية واحدة نزلت للفصل بين السور؟ محل خلاف بين أهل العلم، والذي يرجحه شيخ الإسلام أنها آية واحدة نزلت للفصل بين السور، ولا تتعدد بتعدد مواضعها.
مسألة الجهر والإسرار بالبسملة هذه من المسائل الخلافية التي لا تستدعي مخالفة للإمام، بمعنى أنك إذا عرفت أن هذا الإمام يجهر بالبسملة، وأنت لا ترى الجهر بالبسملة هل يقتضي هذا أنك لا تصلي وراءه؟ لا، ليست من المخالفات المخلة بالصلاة، ولذا جاء في رسالة الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن الإمام المجدد في رسالته إلى أهل مكة، قال: "ونصلي خلف الشافعي الذي يجهر بالبسملة، ولا نصلي خلف الحنفي الذي لا يطمئن في صلاته" لأن عدم الطمأنينة مخل بالصلاة، والخلل يتعدى إلى صلاة المأموم، هل يفهم من هذا أن الحنفية كلهم لا يطمئنون في الصلاة؟ لا، لكن إذا وجد حنفي لا يطمئن في صلاته لا نصلي وراءه، لكن إذا وجد حنفي يطمئن في صلاته نصلي وراءه، ما بيننا وبينهم شيء، مسائل اجتهادية والحمد لله، لكن إذا كان الاجتهاد يؤدي إلى خلل في صلاة المأموم لا يصلي وراءه، وأما بالنسبة للجهر بالبسملة فلا أثر له في صلاة المأموم فيصلى وراءه.
هناك أمور ينتابها النظر الطويل في صلاة من يرى نقض الطهارة بلحم الإبل مثلاً خلف من لا يرى النقض، هذه المسألة محل نظر لأهل العلم، منهم من يقول: لا يصلي وراءه؛ لأن صلاته باطلة بالنسبة له، فلا يصلي وراءه، ومنهم من يقول: ما دام تصح صلاته تصح إمامته، وهو صادر عن اجتهاد، إما بنفسه أو بتقليد من تبرأ الذمة بتقليده كالأئمة الثلاثة.