"وعن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء" البكاء من خشية الله لا شك أنه دليل على خشوع وخضوع، والخشوع لب الصلاة، ودليل على استحضار لهذا العمل العظيم، وما يذكر فيه من أذكار وتلاوة، وما أشبه ذلك، فلا شك أنه كمال.
"رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وفي صدره أزيز" الأزيز: ما يسمع من الصوت المتدارك كأصوات غليان القدر وما أشبهه.
"كأزيز المرجل" المراد به القدر الذي أرجل على النار، يعني نصب عليها، فإذا كان فيه شيء يطبخ لا شك أنه يتحرك.
"كأزيز المرجل من البكاء" النبي -عليه الصلاة والسلام- أخشى الناس وأتقاهم وأعلمهم بالله، فيحصل له مثل هذا، وكثير من الناس مع الأسف الشديد أنه يدخل الصلاة ويخرج منها وكأن شيئاً لم يكن، وحينئذٍ لا يخرج منها إلا بشيء يسير من أجرها، وقد يخرج منها ولا أجر له، ويخرج الإنسان من صلاته بربعها، بنصفها، بعشرها، كل هذا حسب ما يستحضره من صلاته، وليس للإنسان من صلاته إلا ما عقل، كثير من الناس بل من طلبة العلم لا يعقل من صلاته إلا الشيء اليسير، والله المستعان.
فهذه صفته -عليه الصلاة والسلام-، وصفة من يقتدي به ويتبعه بأن يكون لصدره أزيز فيه اضطراب، وفيه حركة كأزيز المرجل من البكاء لما يستحضر من عظمة من وقف بين يديه.
وبعض الناس تجده لا يبكي إلا إذا سمع صوت القارئ، فلا يبكي في السجود ولا في غيره من حالات الصلاة، وهذا له وجه، لا شك أن القرآن مؤثر، لكن بعض الناس يبكي إذا كان الصوت صوت القارئ جميل ومؤثر، ولا يبكي إذا كان صوت القارئ خلاف ذلك، فهل بكاؤه من أجل القرآن أو من أجل الصوت؟ يعني تقرأ سورة الواقعة يقرأها شخص فيبكي، يقرأها آخر كأنها ليس بقرآن لا يتأثر به، فهل نقول: إن هذا الذي تأثر تأثر بالصوت المجرد أو تأثر بالقرآن أو تأثر بالقرآن المؤدى بهذا الصوت؟ لأنه لما قرأها الآخر ما كأنها قرآن عنده، ما تأثر بذلك إطلاقاً، وقرأها فلان من الناس فبكى وتأثر، مثل هذا البكاء نافع وإلا غير نافع؟ ينفع وإلا ما ينفع؟