المقصود أن الخبر الواحد إذا احتفت به قرينة يفيد القطع على القول المحرر في كلام شيخ الإسلام وابن القيم وابن رجب وابن حجر وجمع غفير من أهل العلم، أنه إذا احتفت به القرينة أفاد القطع، وهذا منه، وابن رجب قرر هذه المسألة بأوضح بيان في شرح البخاري.
"فنادى ألا إن القبلة" ألا تنبيه، (إن) هذه حرف التوكيد مع النصب "القبلة قد حولت، فمالوا كما هم نحو القبلة" الذي يدل على معرفتهم بتشوف النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى التحويل إلى جهة القبلة، إلى جهة الكعبة هنا مثل هذا الحديث "ألا إن القبلة قد حولت" إلى أين؟ يعني ما استداروا إلى جهة الشرق أو الغرب أو الجنوب أو الشمال أو إلى أي جهة، أو استفهموا، هم يعرفون أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يريد ويحب ويتشوف إلى تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، فلما قيل لهم بعض الخبر فهموا الباقي، فهذا يؤيد ما عندهم من قرينة.
"ألا إن القبلة قد حولت فمالوا كما هم" وجاء في بعض الروايات والقصة حصلت أكثر من مرة، فمسجد قباء في صلاة العصر، وبني سلمة في صلاة الفجر، استداروا كما هم، وقبلوا هذا الخبر لما احتف به من قرينة "فمالوا كما هم" يعني مثل وضعهم، كما كانوا عليه، الإمام يتقدمهم، والصف يلوونه "نحو القبلة" يعني جهة الكعبة. "رواه مسلم".
"وعن عثمان الأخنسي عن المقبري عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وتكلم فيه أحمد، وقواه البخاري" وعلى كل حال المرجح تصحيحه.