لا شك أن وجوه الشبه بالمساجد أقوى من وجه شبهٍ واحد بالوادي، شبهه بالوادي التقديس وهو التطهير، ووجوه الشبه مع المساجد أكثر من وجه، فهو في حكم المساجد، فعلى هذا لو كان المسجد الحرام، أو المسجد النبوي ما في فرشاة فيه تراب، والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى في النعلين في المسجد النبوي، فعلى هذا حكمه حكم المساجد، والاستدلال بالوادي فيه ضعف.
"أكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي في النعلين؟ قال: نعم" وجاء الأمر بالصلاة في النعال مخالفة لليهود، فعلى هذا أقل الأحوال الاستحباب، فليحرص طالب العلم على أن يصلي في نعليه حيث لا إشكال ولا إثارة، يعني إذا صلى في بيته مثلاً نافلة، أو صلى مع مجموعة في سفر أو نزهة، أو ما أشبه ذلك يصلي في نعليه تطبيقاً للسنة.
النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بالنعلين، فأخبره جبريل بأن فيهما أذى، فخلعهما، وبنى على ما مضى من صلاته، فعلى هذا لو تذكر الإنسان أن في شيء مما يلبسه نجاسة، أثناء صلاته يكتفي بخلعه، ويبني على ما مضى، لكن إذا لم يتمكن من خلعه إلا بانكشاف العورة يقطع صلاته؛ لأن انكشاف العورة مبطل للصلاة على ما تقدم.
ثم قال -رحمه الله تعالى-:
"وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي نحو بيت المقدس فنزلت: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة] " كان يصلي نحو بيت المقدس، لما هاجر النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً، ثم تشوف النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى التحويل من جهة بيت المقدس إلى المسجد الحرام، فأمر بذلك، فنسخت القبلة الأولى.