لا شك أن المجاهر مستخف بمحارم الله، فلا شك أن مثل هذا جرمه عظيم، وأولئك الأقوام الذين إذا خلوا إلى المحارم انتهكوها لكونهم يظهرون للناس أنهم على قدر كبير من النسك، فإذا خلوا بالمحارم انتهكوها، أما بالنسبة لمن لا يظهر للناس خلاف باطنه، ويفعل المعاصي في السر، فإن مثل هذا أمره أخف من المجاهر بلا شك، فإذا كان الإنسان يظهر للناس تجده يحدث بهذا الحديث، ويجعله موضوع لمحاضرات أو لدروس ويذم من إذا خلا بالمحارم انتهكها وهو يفعل؛ لأنه يظهر للناس خلاف ما عليه حقيقته، يعني قريب من هذا في حديث الأعمال بالنيات: ((فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)) وهذا لا شك أنه سيق مساق الذم، لكن هل يذم من سافر إلى بلد من البلدان لطلب في الرزق؟ يذم وإلا ما يذم؟ ما يذم، بحث عن زوجة في بلده فما وجد، فهاجر إلى بلد ليتزوج، لكن الذم حينما يظهر للناس أنه إنما هاجر لله ورسوله، وهو في الحقيقة إنما هاجر للدنيا أو المرأة التي يتزوجها، يعني لو أن إنساناً عنده غرفة في هذا المسجد أو في غيره وفيها تمر وفيها ماء، وفيها أدوات القهوة والشاي، وما أشبه ذلك، وجالس في المسجد، فاحتاج إلى الأكل في وقت أذان المغرب، أو انتهى من قراءته وهو يجيب المؤذن لصلاة المغرب أكل تمرات وشرب ماء، يلام وإلا ما يلام؟ أكل مباح، ولا أظهر للناس أنه صائم، لكن لو مد السماط هنا وجلس واتكأ على سارية وجلس يقرأ لما قرب الأذان، قرب إلى السماط والناس يدخلون ويش يظنون به الناس؟ وكل من دخل قال: تفضل يا أبو فلان، تفضل، على شان اللي ما شافه يشوفه، هذا يظهر للناس أنه صائم، وهو ما هو بصائم، يعني هل مثل هذا مثل الذي اختفى في غرفته وانتهى من قراءته ليجيب المؤذن، فوجد نفسه محتاجاً إلى الأكل فأكل، ما في أحد يمنعه من الأكل، لكن إذا أظهر للناس سواءً كان بقوله أو بفعله أنه متلبس بأمر غير واقع هذا هو الذي يذم ويلام، فإذا أظهر للناس أنه من أتقى الناس وأورعهم، فإذا خلا بالمحارم انتهكها هذه المشكلة، وكثير ممن يتصدى لتعليم الناس وإرشادهم، وأنا منهم قد يفهم من حاله ومن كلامه أن