قال: "وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة)) " وينبغي أن يكون هذا الحديث بعد الحديث الذي يليه، " ((اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة)) " الأصل أن هذا الحديث يأتي بعد الأحاديث المفسرة لإجابة المؤذن؛ لأنها تلي إجابة المؤذن.
((من قال حين يسمع النداء)) حين، يعني وقت يسمع النداء، يعني قبل الفراغ منه، هذا ما يفيده حين؛ لأن الحين الوقت، والوقت أن يكون في أثنائه لا بعده، لكن قوله في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: ((ثم)) ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة)) العطف بـ (ثم) يقتضي أنه بعد ما يفرغ من الإجابة والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-.
((من قال حين يسمع النداء)) يعني حين يفرغ من السماع والإجابة، قال بعد ذلك: ((اللهم رب هذه الدعوة التامة)) أصل (اللهم) يا الله، فحذفت، حذف حرف النداء؛ ليكون لفظ الجلالة صدر الكلام، فلا يتقدم بين يديه، اللهم وعوض عن ياء النداء الميم.
((اللهم رب هذه الدعوة التامة)) (اللهم ربَ) بدل من (الله) أو منادى ثاني، اللهم يا رب هذه الدعوة التامة لا مانع، رب هذه الدعوة التامة هذه الدعوة التامة التي هي الأذان بجمله، لا شك من تمامه وكماله واشتماله على أعظم الأذكار.
((رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة)) القائمة باعتبار ما كان أو ما سيكون؟ ما سيكون، يعني ستقوم، ((والصلاة القائمة آت)) آت بالمد أعطِ، {رَبَّنَا آتِنَا} [(200) سورة البقرة] أعطتنا، وأما ائتِ بالقصر فهي من أتى بمعنى جاء، وآتِ من آتى بمعنى أعطى.