يذكر عن عمر -رضي الله تعالى عنه- أن عبداً له يقال له: مسرور أو مسعود، أذن بليل، فقال له: ارجع فقل: ألا إن العبد نام، أذن قبل الوقت فقال له: ارجع، فهذا الموقوف على عمر -رضي الله عنه-، وهم فيه حماد بن سلمة فرفعه، فرفعه خطأ، فالموقوف أقوى.
ثم قال بعد ذلك: "وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن)) " ((إذا سمعتم)) فالأمر مرتب على السماع، فالذي لا يسمع المؤذن، أو يسمع تشويش مؤذن، يعني يسمع كلام من بعيد يعرف أنه أذان، ولا يتبين الجمل، يعرف أن المؤذن يؤذن، ويسمع الصوت، لكن لا يتبين الجمل، فمثل هذا لا يجيب، يعني يتوقع أنه قال: الله أكبر فيقول: الله أكبر، يعني ما سمع؛ لأن الجواب معلق بالسماع، ولو أن الأصم راقب المؤذن، ويعرف أنه قال: الله أكبر الله أكبر ثم سكت، يعرف ماذا قال، لكنه لا يسمع الإجابة مرتبة على السماع ((إذا سمعتم فقولوا)) مفهومه إذا لم تسمعوا إما لبعد عنه، أو لخلل في السمع فإنكم لا تقولون مثل ما يقول المؤذن.
((فقولوا مثل ما يقول المؤذن)) المماثلة هنا من أي وجه؟ يعني هل المماثلة تقتضي المطابقة؟ بمعنى أننا نماثله في كل ما قاله من جمل وحروف ومستوى رفع الصوت، ومقدار المدود؟ يعني هل المماثلة مطلوبة من كل وجه؟ أو نقول: إن المماثلة في الجمل، قال: الله أكبر الله أكبر، فقولوا: الله أكبر الله أكبر؟ ولا يعني أن المؤذن يستغرق خمس دقائق في الأذان أننا نستغرق الخمس الدقائق في جمله، بمعنى أننا نمدها لتستوعب الخمس الدقائق، ولو كانت إجابتنا له بدقيقة واحدة كفى، يعني إذا مد المؤذن ست حركات، أو أكثر كما هو معمول به في الحرمين وغيرهما، الأذان أحياناً يستوعب خمس دقائق، والإنسان المجيب يمكن يجيبه في أقل من دقيقة، إذا قال: الله أكبر الله أكبر ومد صوته ورفع صوته بذلك ومد حروف المد، ثم أجبته بقولك: الله أكبر الله أكبر، كفى، هذه مماثلة، وإن لم تكن مطابقة.