((إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح، ويأمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد، فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعاً فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها)).

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعنه -رضي الله تعالى عنه-" يعني عن ابن مسعود راوي الحديث السابق "قال: حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" حدثنا هذا الأصل في الرواية وهو التحديث، فالأصل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يتكلم وهم يستمعون ويتلقون، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يؤدي وهم يتحملون، والتحديث الأصل فيه المشافهة مثل السماع دون واسطة.

"حدثنا رسول الله -عليه الصلاة والسلام-" والتحديث أضيق من الإخبار، لو قال: أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لكانت المسألة أوسع من التحديث؛ لأن التحديث لا يكون إلا بالنطق، وأما الإخبار فكما يكون بالنطق يكون بغيره من الإشارة والكتابة ونصب العلامة كلها إخبار.

"حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الصادق المصدوق" الصادق الذي قوله -عليه الصلاة والسلام- مطابق للواقع، فلا يقع في كلامه ما يخالف الواقع لا عمداً ولا سهواً ولا خطأ إلا ليشرع، فقد يسهو -عليه الصلاة والسلام- ليشرع، المقصود أنه صادق في جميع أفعاله وأقواله وتصرفاته لأنه معصوم، صادق في نفسه، مصدوق، مصدوق: اسم مفعول من الفعل الثلاثي (صدق) اسم الفاعل صادق واسم المفعول مصدوق، ومن المضعف مصدَّق، فهو مصدوق ومصدَّق من قبل الله -جل وعلا- بإقامة الأدلة والبراهين القطعية على صدقه، وهو مصدق ممن يسمعه -عليه الصلاة والسلام-.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015