((يلتقيان)) يعني في طريق أو في مجلس فيعرض هذا بوجهه عن أخيه، وهذا بوجهه ((وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)) السلام أدب إسلامي يبعث على المحبة والمودة ((لا تدخلوا الجنة حتى تحابوا)) ((ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)) لا شك أن السلام طريق إلى المحبة ووسيلة إليها، فكونه يعرض هذا ويعرض هذا خلاف المودة والمحبة، ويثبت بعد ذلك التباغض والتدابر والتقاطع، خيرهما الذي يبدأ بالسلام، جاء في الحديث: "أن الصغير يسلم على الكبير، والماشي يسلم على الجالس، والراكب يسلم .. ، والواحد يسلم على الجماعة" وهكذا، هذا هو الأصل، لكن افترض أن شخصاً مر بك وهو أصغر منك سناً هل لك أن تقول: الحق الشرعي لي ما سلم عليَّ ما أسلم عليه، أو نقول: خيرهما الذي يبدأ بالسلام؟ خيرهما الذي يبدأ بالسلام، وبعض الناس وموجود الآن وكثير في العمالة الوافدة من البلدان الأخرى، وهم يرون أنفسهم في حكم المستضعف، تجد هذا جالس ثم يمر واحد ثم يباشر الجالس: السلام عليكم، نعم الحق الأصلي على الماشي يسلم على الجالس، لكن لو افترضنا أن الماشي ما سلم نقول للجالس: لا تسلم؟! بعض الناس يتهم مثل هذا بضعف العقل أو الجهل كيف يسلم وهو جالس؟! نقول: خيرهما الذي يبدأ بالسلام، نعم الأصل أن الماشي هو الذي يسلم، لكن ترك هذا الفضل العظيم، فالطرف الثاني يبدأ، ولذا يقول: ((وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)) مع أنه جاء التوجيه بأن الصغير يسلم على الكبير، لكن ما سلم الصغير يترك؟ تترك السنة؟! تترك الوسيلة لإشاعة المحبة والمودة؟ لا تترك، لكن بعض الناس إذا مر عليه أحد ولا سلم رد عليه قال: وعليكم السلام، على شان إيش؟ لا يريد بذلك تحصيل السنة، لو أراد بتحصيل السنة قال: السلام عليكم، هو يريد أن ينتقده بأسلوب، يريد أن ينتقده، فعلى كل حال الضابط في الخيرية الذي يبدأ بالسلام، ولو كان كبيراً، ولو كان جالساً، ولو كان ماشياً، المقصود أن مثل هذا تنبغي مراعاته.