"قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي الذنب أعظم عند الله تعالى؟ " الفائدة من السؤال أن يجتنب ويتقى ويحذر منه ((أي الذنب أعظم عند الله تعالى؟ )) والمراد بالذنب جنس الذنب، أي الذنوب أعظم عند الله تعالى؟ فأجابه النبي -عليه الصلاة والسلام- بقوله: ((أن تجعل لله نداً وهو خلقك)) يعني أن تشرك بالله، تجعل لله نداً يعني شريكاً نظيراً مشابهاً مساوياً له وهو الذي خلقك وأوجدك، وله عليك النعم الظاهرة والباطنة، أسبغ عليك النعم ومع ذلك تكون عبادتك لغيره بمفرده أو معه، فالشرك أمره عظيم، بل هو أعظم الذنوب على الإطلاق، وما عصي الرب -جل وعلا- بمثل الشرك، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أن تجعل)) والسؤال مكرر في الجواب حكماً، فكأنه قال: أعظم الذنب عند الله تعالى أن تجعل له نداً وهو خلقك، حكم مقروناً بعلته المقتضية للتنفير من العمل، الله -جل وعلا- هو الذي خلقك، يعني لو رأيت رجلاً عاقاً لوالديه أو لأمه كيف تعق أباك؟ ثم تذكر السبب في منعك العقوق بالنسبة له، فتقول: هو سبب وجودك، وهو الذي .. ، فلو قال شخص لآخر: كيف تعق أباك أو تعق أمك وهما سبب وجودك؟! تذكره بما يكون حافزاً له، وهنا يقول: ((وهو خلقك)) تذكير للإنسان بما يدعوه إلى ترك هذا العمل الشنيع، تجعل لله نداً بأن تصرف له شيئاً من أنواع العبادة التي هي من خصائص الرب -جل وعلا-، ويوجد هذا مع الأسف في الأمة كثير ممن يقول: لا إله إلا الله، فتجد المرء في بعض الأقطار يطوف على القبر وهو يقول لا إله إلا الله، وهذا دليل على أنه لا يعرف معنى لا إله إلا الله، المعنى الذي عرفه أبو جهل وأبو لهب ما عرفه هذا، ابتليت الأمة بالغلو في الصالحين وعبادتهم، توجد القبور والمشاهد في شرق الأرض وغربها، ومع ذلك النصوص في التحذير من الشرك والحث على التوحيد وتحقيقه كثيرة جداً، لا يمكن الإحاطة بها في نصوص الكتاب والسنة ومع ذلك تجد المخالف، وذلك مصادق قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تقوم الساعة حتى تعبد فئام من أمتي الأوثان)) هذا لا بد أن يقع في الأمة، لكن مع ذلك كونه يقع قدراً لا يجوز شرعاً، لا يعني أن يجوز شرعاً، والبلوى بالقبور والفتنة بها أشربها