يعني تصور أن شخص دخل التجارة بعشرين ريال، وتاب عن عشرين مليار، نقول: ما لك إلا عشرين ريال، أو نقول: لك رأس مالك وقت التوبة ولك ما سلف، والله -جل وعلا- أكرم من أن يردك فقيراً تتكفف الناس، واللفظ محتمل، وقول الأكثر: رأس ماله الذي دخل به التجارة عشرين ريال، ويتخلص من عشرين مليار، والمعنى الثاني تحتمله الآية، وهو اللائق بكرم الله -جل وعلا- وجوده، وما دامت المسألة محتملة والله -جل وعلا- رغب في التوبة، وحث الناس عليها، والله -جل وعلا- أشد فرحاً بتوبة عبده مما ذكر في الحديث، ويستحيل في العقل والدين أن الله -جل علا- يحث ويأمر ويوجب التوبة ويفرح بها ويصد الناس عنها؛ لأنه أبو عشرين ريال هذا الذي دخل في التجارة وتاب عن .. ، هل إذا قلنا له: ما لك إلا عشرين ريال هذا بيتوب أو ما هو بتائب؟ هذا لن يتوب، المجزوم به أنه لن يتوب، واللفظ الآية محتمل، فنقول: لك رأس مالك وقت التوبة، لك ما سلف، لك رأس مالك، بقي ربا في ذمم الناس لا يجوز أن تستلم منه ريال، لكن الذي في يدك وقت التوبة لك {فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ} [(275) سورة البقرة] قد يقول قائل: إن هذا فيه تهوين من شأن الربا، وتجعل الناس يتعاملون بالربا فإذا تجروا يتوبون، إذا كثرت أموالهم، نقول: لا، هذا مثل غيره من الذنوب، ما هو بأعظم من الشرك، حينما يقال للمشرك: إنك متى ما تبت تاب الله عليك، هل معنى هذا نهون عليه الشرك إلى أن يتوب؟! ما الذي يضمن له أن يعيش إلى أن يتوب، سواء كان من الشرك أو من الربا أو من الزنا، التوبة تهدم ما كان قبلها، هل معنى هذا أننا إذا قلنا للزاني رغبناه في التوبة، وأنها تجب ما قبلها أننا نهون عليه الزنا يزني حتى يتوب فيما بعد؟! لا ليس الأمر كذلك، بل عليه أن يتوب فوراً، لكن إذا تاب التوبة الشرعية المقبولة بشروطها تاب الله عليه {فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ} [(275) سورة البقرة] هذا نص القرآن.