رمضان ما زال، وهو محترم في حال السفر وغير السفر.
على كل حال الرسول -عليه الصلاة والسلام- "خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان" نعم فتح مكة في رمضان في السنة الثامنة من الهجرة "فصام حتى بلغ كراع الغميم" وادٍ بين مكة والمدينة، قريب من عُسفان "حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس" النبي -عليه الصلاة والسلام- صام، فدل على مشروعية الصيام في السفر "وصام الناس" لكنه -عليه الصلاة والسلام- وهو الرؤوف الرحيم، المشفق على أمته يخشى أن يشق هذا الصيام على من معه، ولا تسمح أنفسهم أن يفطروا وهو صائم.
"ثم دعا بقدح من ماء حتى نظر الناس إليه، ثم شرب" هكذا ينبغي أن يكون القدوة، أن يلاحظ الضعفاء من الناس، ولا ينظر إلى نفسه، بحيث يحمل الناس على قوته وشدته وتحمله، الرسول -عليه الصلاة والسلام- أعطي من القوة ما لم يعطه غيره، ولا يشق عليه أن يصوم في السفر، لكنه لاحظ الناس "فصام الناس، ثم دعا بقدح من ماء" إناء فيه ماء "فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثم شرب" يعني كما فعل عشية عرفة؛ لينظر الناس إليه، لأن بعض الناس عنده من الحرص ما يتحمل معه الضرر في سبيل حصول الأجر "فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس" وقد رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- يرفع القدح ويشرب من الماء، رغب عن سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتحمل هذه المشقة "فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال: ((أولئك العصاة، أولئك العصاة)) " و ((ليس من البر الصيام في السفر)) وهو منزل على هذه الحالة، إذا وجدت المشقة، وإذا لم توجد المشقة فالصيام متجه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صام وهو في السفر، وكان الصحابة -رضوان الله عليهم- يسافرون معه، فمنهم الصائم ومنهم المفطر، ولا يعيب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، هذا في حال عدم المشقة، أما إذا وجدت المشقة فالفطر أفضل بلا شك، وإن زادت المشقة، قد وجد شخص قد ظلل عليه من الحر والعطش، ومثل هذا لا يجوز له أن يصوم في السفر، ويدخل في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أولئك العصاة، أولئك العصاة)) فالصوم في السفر يحتاج إلى مثل هذا التفصيل؛ لأنه جاء في النصوص ما يدل عليه.