فإما أن نقول: هذا مشاكلة ومجانسة، وهم لا يرون ما ينتفع به إلا الحقيقي الطعام والشراب، النبي -عليه الصلاة والسلام- كما قال ابن القيم: يفيض عليه الله -جل وعلا- من العلوم والمعارف بسبب التجاءه إليه في هذه الليالي المباركة، يفيض إليه من هذه العلوم والمعارف وهي معنوية ما يغنيه عن الطعام والشراب، ما يغنيه ويقوي بدنه على العبادة، وهذا يغنيه عن الطعام والشراب، فإما أن نقول: إن هذه العلوم وهذه المعارف وهذا الغذاء المعنوي حقيقة الطعام الشرعية، حقيقة للطعام شرعية، مثل الطعام والشراب المحسوس، فيكون للطعام حقيقتان شرعيتان، كما قلنا في المفلس، حقيقة للطعام الحسي، وهذا هو الأصل، وحقيقة شرعية في الطعام المعنوي، ويدل له هذا الحديث، فإما أن نقول: للطعام حقيقتان شرعيتان، وإما أن نقول: إن إطلاق الطعام على ما يتقوى به -عليه الصلاة والسلام- من الأمور المعنوية، من باب المشاكلة، مجانسة، تنزل في التعبير {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(40) سورة الشورى].
قالوا: اقترح شيئاً نجد لك طبخه ... قلت: اطبخوا لي جبة وقيمصاً
فإما هذا وهذا وحينئذٍ لا إشكال، إذا قلنا: مشاكلة ما في إشكال؛ لأنه لا يرد على حقيقة الوصال أنه يأكل ويشرب.