هنا يقول في حديث "أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال" وهو صوم يومين فأكثر دون إفطار بينهما، يعني مواصلة الصيام ليلاً وناراً "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال" ولأن هذا شاق، والدين يسر ((ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه)) فالوصال اقتران يومين أو ثلاثة أو أكثر دون فطر بينها في الليل هذا هو الوصال، فثبت النهي عنه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على خلاف بين أهل العلم هل النهي للتحريم كما هو مقتضاه؟ إذا أطلق ما لم يوجد صارف فالنهي للتحريم، وإذا وجد ما يصرفه عن التحريم فإنه يكون للكراهة، وقد يوجد النهي ولا يقتضي هذا ولا هذا إذا كان الملاحظ فيه مصلحة المنهي، ما نهاهم عن الوصال إلا للإبقاء عليهم، يعني خشية المشقة عليهم، ولذا واصل بهم كما في هذا الحديث يومين، ولو تأخر الهلال لزادهم، ولهذا يقول بعض العلماء: إن الوصال جائز، وبعضهم يرى أنه محرم كما هو مقتضى النهي، ومنهم من يقول: هو مكروه، وما جاء في وصاله -عليه الصلاة والسلام- بهم صارف للنهي عن التحريم إلى الكراهة، والذي يقول: إنه مباح، وقد فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- بنفسه وبأصحابه، وإذا كان النهي ملاحظ فيه المكلف فإنه ليس على ظاهره، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن عمر: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) وابن عمر جاء بنفسية عالية وهمة يريد أن يقرأ القرآن في كل ليلة، قال: لا، ((اقرأ القرآن في شهر)) فقال: إني أطيق أكثر من ذلك، ((قال: اقرأ القرآن مرتين في الشهر، ثلاث في الشهر)) ثم قال له: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) هذا النهي ما فهم منه أحد من أهل العلم أنه لا تجوز قراءة القرآن في أقل من سبع، بل استحبوا قراءة القرآن في ثلاث، واختلفوا فيما دون الثلاث؛ لأنه جاء في الحديث، في السنن: ((أنه لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) وثبت عن بعض الصحابة كعثمان -رضي الله عنه- أنه كان يقرأ في ليلة، وثبت عن الأئمة كذلك، وخيار هذه الأمة ما فهموا أن قوله: ((ولا تزد)) يفيد الكراهة ولو على أقل الأحوال، المقصود أن الوصال فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- ونهى عنه، حتى قال بعضهم: إن