قبل ذلك: مسألة الرؤية وأنها معلقة بالرؤية البصرية على ما تقدم بيانه، ولا نكلف فوق ذلك، ولا نعتمد على حساب ولا فلك ولا غير ذلك، وقد جاءت النصوص الصحيحة الصريحة القطعية بأن المقدمات الشرعية نتائجها شرعية ((صوموا لرؤيته)) رآه واحد من المسلمين فصاموا، لو اجتمع أهل الفلك كلهم وقالوا: إن الهلال لم يولد، قلنا: مقدمتنا شرعية ((صوموا لرؤيته)) وقد ثبتت رؤيته، مقدمتنا شرعية نتيجتنا شرعية، حكم الحاكم بشاهدي عدل وتعديلهما بواسطة المزكين، وحكم بأن الحق لفلان شرعاً الحق لفلان، المقدمة شرعية والحكم صحيح، ولو تبين خطأه فيما بعد؛ لأنه ما دامت المقدمة شرعية فالنتيجة شرعية، يعني ما رأينا الهلال فأكملنا شعبان ثلاثين فتبين فيما بعد أن شعبان تسعة وعشرين، فلما صمنا ثمانية وعشرين يوم رئي هلال شوال، تكون مقدمتنا شرعية ولا ضير ولا حرج، ولا أدنى حرج فيما صنعنا، اللهم إلا إذا كان هذا نتج من تقصير في الترائي، أما إذا تراءاه الناس فلم يروه، فلا نكلف أكثر من هذا، والحاكم لا يكلف أن يحكم بأكثر من شاهدي عدل، فإذا حكم بأن الحق لفلان، وفي الواقع أن الحق لفلان، المؤيد بالوحي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إنما أنا بشر أحكم على نحو ما أسمع)) فالحكم صحيح والحاكم مأجور أصاب أو أخطأ، فالنتيجة شرعية ما دامت المقدمة شرعية، لو شهد ثلاثة على رجل بالزنا، وكلهم أثبتوا ذلك، وأقسموا على ذلك بأنهم رأوه بأعينهم، وكلامهم مطابق للواقع، هل نقول: هؤلاء صادقون أم كاذبون؟ نعم؟ {فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [(13) سورة النور] ولو رأوه بأعينهم، لماذا؟ لأن المقدمة شرعية ما تم النصاب، فالنتيجة شرعية، هم كذبة ولو رأوه بأعينهم، فلا نكلف أكثر مما نستطيع، فالشرع رتب نتائج على مقدمات، فإذا وجدت هذه المقدمات الشرعية فالنتائج بلا محالة شرعية، ولو لم تطابق الواقع؛ ولا نقول: كم مرة جربنا وطلع الشهر ثمانية وعشرين، إذاً الرؤية لا تنضبط، تنضبط، ولا نكلف أكثر من ذلك ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) هذا خطاب لكل من يصح توجيه الخطاب إليه من الأمة.