((فإن غم عليكم)) إن خفي عليكم فلم تروه بسبب حائل من غبار أو غيم أو قترة، وما أشبه ذلك ((فاقدروا له)) هذا اللفظ المجمل الذي يحتمل التقدير بالحساب وإكمال شعبان الثلاثين، ويحتمل التضييق {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [(7) سورة الطلاق] يعني ضيق عليه، كما يقول ابن عمر، فيصام هذا اليوم على هذا القول، يعني ضيقوا شعبان واجعلوه تسعاً وعشرين، من باب تفسير القدر هنا بالتضييق، والرواية المفسرة لهذا المجمل لمسلم: ((فإن أغمي عليكم فاقدروا له ثلاثين)) فاقدروا له يعني شعبان ثلاثين، وللبخاري: ((فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)) يعني هل بقي لبس فيما يحتمله اللفظ؟ لا لبس فيه، ومع ذلك يذكر عن ابن عمر أنه يصوم مثل هذا اليوم، وعند الحنابلة أيضاً رواية وهي قوية ومقدمة فإن لم ير الهلال لغيم أو قتر أو غبار فظاهر المذهب يجب صومه، يجب صوم هذا اليوم اتباعاً لابن عمر، مع وجود هذه النصوص الصريحة ((فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)) فالقول بأنه يصام وجوباً أو استحباباً قول في غاية الضعف، ومخالف لما جاء في هذه الروايات المفسرة ((فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)) يعني نحتاج إلى أن نفسر الكلمة لغوياً ونحن عندنا ما نفسر بها من الشرع؟ الألفاظ الشرعية تفسر بالمصطلحات الشرعية؛ لأن الشارع إنما جاء لبيان الشرع، نعم إذا لم نجد في الحقائق الشرعية ما يبين لنا المراد، فإننا حينئذٍ نلجأ إلى الحقائق اللغوية، فالحقيقة الشرعية مقدمة في أمور الشرع، فإذا لم نجد في النصوص ما يفسر رجعنا إلى لغة العرب؛ لأن النصوص جاءت بلسان العرب، قد يكون اللفظ يحتمل أكثر من حقيقة شرعية، كالمفلس مثلاً، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((أتدرون من المفلس؟ )) قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، كلام صحيح وإلا غير صحيح؟ حقيقة شرعية وإلا غير شرعية؟ شرعية، من وجد ماله عند رجل قد أفلس، المفلس من لا درهم له ولا متاع، لكن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أراد أن يبين لهم حقيقة شرعية غير ما يتبادر إلى الأذهان في هذا الباب الذي يريده ويتحدث عنه -عليه الصلاة والسلام-، ((المفلس من يأتي بأعمال)) في بعض الروايات: ((أمثال الجبال من صيام وصدقة