"وعن أبي الزبير عن يحيى بن جعدة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال: ((جهد المقل، وابدأ بمن تعول)) " ((ابدأ بمن تعول)) هذا مشترك بين الحديث ((ابدأ بمن تعول)) هذا متفق عليه في الحديثين، لكن في الأول "ما كان عن ظهر غنى" هو خير الصدقة، وهنا: ((جهد المقل)) أي الصدقة أفضل؟ قال: ((جهد المقل)) فكأن في هذا شيء من التعارض، لا شك أن جهد المقل المتصف باليقين الواثق بالله -جل وعلا- عنده شيء قليل فدفعه إلى السائل هذا جهد مقل، لكن هل هذا يصلح من كل الناس؟ يصلح ممن عنده اليقين والرضا بالله -جل وعلا-؟ كما جاء في حديث أبي بكر قصة أبي بكر وعمر، الذي يقينه بالله -جل وعلا- يجعله يتجاوز هذا الأمر فيتصدق بجميع ما عنده، ولو كان قليلاً، هذا جهد المقل، ويحمد منه إذا كان على يقين من الله -جل وعلا-، وبوعد الله؛ لأن بعض الناس قد يفعل هذا، ثم لا يلبث أن يسأل، أو يتحدث في المجالس، والله أنا دفعت اللي عندي وقعدت، خلاص، الله يعوض خير، ويندم على ذلك، مثل هذا لا يتصدق إلا بالقدر الزائد عن حاجته، يعني بعض الناس يترك العلاج يترك الرقية، يترك الكي، يترك .. ، طمعاً في حديث السبعين الألف، وما أشبه ذلك، ثم تجده في المجالس يتحدث ويتأفف ويتشكى، ومن زاره ذكر له حالته بالتفصيل على سبيل الشكاية، وأنا تركت، وأنا فعلت، هذا يا أخي ابذل جميع الأسباب للشفاء أفضل من شكايتك إلى الخلق، وإخبارك بما بينك وبين ربك، فالناس يتفاوتون، من كان عنده من اليقين ما يتحمل به ما تحمل، من إنفاق للمال أو لتحمل الأمراض والمصائب دون أن يتعرض للأسباب؛ ليدخل في حديث السبعين، مثل هذا يمدح، لكن إذا ترك هذه الأمور المباحة في الأصل، فعل الأسباب مباحة، ولا يلزم الإنسان يتصدق بجميع ماله، لكن مع ذلك إذا تصدق بجميع ماله، وكان من النوع الذي عنده من اليقين والتوكل على الله -جل وعلا-، هذا يمدح، لكن إذا لم يكن عنده يقين ولا توكل، كل من دخل عليه: قال: والله تورطنا دفعنا كل اللي عندنا وقعدنا، هذا يصلح أن يتصدق بجميع ما عنده؟ هذا يتصدق بالقدر الزائد عن حاجته، وإن أمسك بعض القدر الزائد بعد أفضل، والله المستعان.