يعني لو عدنا قليلاً إلى الوراء، يعني قبل خمسين أو ستين سنة يطرق الطارق السائل البيت فيعطى عظم ليس عليه طعام، ويقال له: هذا العظم ما طبخ إلا مرة أو مرتين، يعني فيه بقية من طعم، يعني لو طبخته مرة ثالثة صار لطعامك شيء من الطعم بسببه، يعني شيء لا نتصوره؛ لأنا ما عشناه، لكن الجيل الذي قبلنا يقولون مثل هذا، خذ هذا والله ما طبخ إلا مرة أو مرتين، هذا بدون لحم عظم مجرد، ونحن نتقلب بنعم، لكن هذه النعم تحتاج إلى شكر {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [(7) سورة إبراهيم] والناس وهم يتحدثون عن الماضي يخشى أن يكونوا مثل من قال: {قَدْ مَسَّ آبَاءنَا الضَّرَّاء وَالسَّرَّاء} [(95) سورة الأعراف] يعني نسوا، نسوا ما مس آباءهم، ثم صاروا يتحدثون به على سبيل التفكه من باب سرد تاريخي فقط، لكن علينا أن نعتبر ونتعظ، الناس أكلوا أشياء لا يأكلها ولا الحيوان بسبب الحاجة والفاقة والجوع، فعلينا أن نشكر الله -جل وعلا-، هذه النعم ليضمن لنا المزيد من فضله {وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [(7) سورة إبراهيم] والله المستعان.
هذا أبو الخير يتصدق كل يوم بصدقة، والإنسان يجب عليه، ويصبح عليه في كل يوم ثلاثمائة وستين صدقة بعدد مفاصل جسده ((يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة)) لكن الله -جل وعلا- لا يكلف ما لا يستطيعه الإنسان؛ لأنه ليس كل إنسان يستطيع أن يتصدق، فجعل في مقابل ذلك التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من الأعمال الصالحة، كل جملة بصدقة، ثم في الأخير، قال: ((ويكفي من ذلك ركعتان تركهما من الضحى)) يرضى بالقليل -جل وعلا-، لكن كثير من الناس محروم، يمر عليه الأيام ما صلى ركعتين من صلاة الضحى، وبدلاً من أن يتصدق بثلاثمائة وستين صدقة، أو بثلاثمائة وستين من الأذكار، أو من الأعمال الصالحة ((يكفي من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى)) والله المستعان.
"رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".