قال: فتواكلنا الكلام" عندهم ما يوجد شيء من التردد بسبب كلام علي، ولذا لم يبادرا، كل واحد يبادر الثاني بالكلام، كل واحد وكل الكلام إلى الآخر، قال: لعله هو الذي يبدأ "فتواكلنا الكلام، ثم تكلم أحدنا" يعني لما ترددنا لا بد من أن يتكلم واحد منا، تكلم أحدنا "فقال: يا رسول الله أنت أبر الناس وأوصل، وقد بلغْنا النكاح، وجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات" يعني ما جاءا يسألانه من الصدقة، لا، إنما يسألان العمالة على الصدقة؛ ليستحقا ما يستحقا في مقابل عملهما "وجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات، فنؤدي إليك ما يؤدي الناس، ونُصيب كما يصيبون؟ " زكوات الناس نعطيك إياها، وأجرتنا وعمالتنا نأخذها.

"قال: فسكت طويلاً حتى أردنا أن نكلمه" سكت -عليه الصلاة والسلام- سكوتاً طويلاً؛ لأن الأمر الذي طلباه غير سائغ وغير لائق، ولا يجوز، لكن الحكم يخفى عليهما، ولذلك اكتفى بهذا "فسكت طويلاً حتى أردنا أن نكلمه، قال: وجعلت زينب تُلمع إلينا من وراء الحجاب" وهي أم المؤمنين "تلمع إلينا من وراء الحجاب ألا تكلماه" كأنها حركت الستار، وقالت: لا تكلماه "قال: ثم قال: ((إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس)) " وهم من آل محمد، هم من الآل، الصدقة سواء كانت الزكاة التي تؤدى باسم الفقر، وكذلك الزكاة التي تؤدى باسم العمالة؛ لأن العمل والكسب متفاوت تفاوت كبير جداً، وإن كان في مقابل عمل، ومقابل كد، ومقابل عرق وجهد، فتتفاوت من أطيب المكاسب الذي هو كسب النبي -عليه الصلاة والسلام-، ((وجعل رزقي تحت ظل رمحي)) والزراعة التي يقول جمع من أهل العلم أنها أفضل المكاسب، والصناعة التي هي كسب داود -عليه السلام-، إلى أن تنتهي إلى الحجامة، وهي في المقابل عمل، لكنه كسب دنيء رديء، ليس بمحرم، لكنه دنيء، كسب الحجام خبيث، يعني رديء وليس بحرام؛ لأنه لو كان حراماً ما أعطى النبي -عليه الصلاة والسلام- الحجام ديناراً، لكنه رديء {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ} يعني الرديء {مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] العمالة هذه بالنسبة لسائر الناس في مقابل عمل وأجرة عمل لا إشكال فيها، لكن بالنسبة لآل محمد لا تحل لهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015