" ((فنأمر لك بها)) قال: ثم قال: ((يا قبيصة)) " وعظه -عليه الصلاة والسلام-، وهكذا يجب أن يذكر الإنسان إذا أرد أن يأخذ صدقة يذكر بمثل هذا " ((إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجلٍ)) " بدل من أحد، ويجوز الرفع على تقدير مبتدأ، أحدهم رجلٌ.
((رجلٍ تحمل حمالة)) يعني مثلما أنت فيه يا قبيصة ((فحلت له المسألة حتى يصيبَها ثم يمسك)) هذه الحمالة قدرها إيش؟ عشرة آلاف ريال، لا يجوز أن يأخذ عشرة آلاف وريال، إنما يأخذ عشرة آلاف فقط، حتى يصيبها ثم يمسك، لا يجوز أن يأخذ زيادة على ذلك.
((ورجل أصابته جائحة)) كارثة سماوية أو أرضية ((اجتاحت ماله)) حريق، غرق، صاعقة، آفة من الآفات، ظالم غشوم سطا على أمواله فاستولى عليها، هذه جوائح؛ لأنها تجتاح المال كله ((ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله)) يعني أهلكته وأتت عليه كله، أما ما يأتي على اليسير، ويترك الكثير هذا ليس بمبرر للمسألة، أو الذي يأتي على الكثير، ويبقي شيء يكفي هذا أيضاً ليس بمبرر للمسألة.
((اجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش)) يعني ما تقوم به حاجته فقط من غير زيادة على ذلك، شخص عنده بضائع بعشرات الملايين في سفينة غرقت هذه الأموال وعاد فقيراً، هل نقول: يأخذ من الزكاة والصدقات بقدر ما تلف من ماله؟ لا، يأخذ حتى يصيب قواماً من عيش، أو سداداً من عيش، يعني ما يسد حاجته من غير زيادة على ذلك.
((ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجى)) أعسر عسراً شديداً، فمثل هذا وقد عرف قبل ذلك بغنى، أما من عرف بالفقر هذا لا يحتاج إلى أن يقيم بينة يُصدق، والمجهول الذي لا يعرف بفقر ولا غنى يكفي إقامة بينة ترجح غلبة الظن أنه محتاج، وأنه فقير، أما من عرف بغنى ثم أصيب بفاقة هذا لا بد أن يحضر ثلاثة من ذوي الحجى، ذوي العقول، الذين يقدرون الأمور قدرها؛ لأن بعض الناس عنده عاطفة، ويحب النفع للآخرين، ثم بعد ذلك يتساهل في أداء الشهادة، مستعد ليشهد لكل من قال، لا، نحن نريد أهل دين وعقل يعرفون متى يشهدون، ويعرفون متى يمتنعون.