وفي هذا الحديث: ((إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع)) يعني خرصتموه ثمانمائة صاع، اتركوا لصاحب البستان الربع، واعتبروه ستمائة، أو دعوا له الثلث، يأكل منه، ويطعم أضيافه، وينفع أقاربه، ويوزع لنفسه على المحتاجين، وخذوا الثلاثة الأرباع أو الثلثين، ((ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع)).
الخرص ثابت في خرص تمر خيبر ثابت بلا إشكال، لكن هنا؛ لأن من أهل العلم من يقول: يحتاج إلى الخرص إذا لم يكن صاحب التمر ثقة، والأصل في المسلم العدالة، ما يخرص عليه، إنما إلى ديانته يوكل، كم بلغ تمرك؟ بلغ ثمانمائة صاع، أعطنا العشر أو نصف العشر على حسب حاله.
أما بالنسبة لخيبر وهم يهود لا يوثقون، لا بد أن يبعث من يخرص عليهم التمر، فيكون هذا خاص بغير المسلمين.
على كل حال الحديث فيه مقال، فالمسلم الأصل فيه العدالة، وأنه ثقة، وأن هذه ديانة بينه وبين ربه، كسائر الأموال، ولا يناقش، ولا يستحلف عليها، وهذا عند من يضعف الحديث، وهذا هو المتجه، المتجه ضعف الحديث، ولذا تجدون الآن، ومنذ عصور قديمة، ما في خرص للزروع ولا الثمار، كل يقدر تمره وثماره، ويؤدي زكاته.
"رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وأبو حاتم البستي والحاكم، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، وقال البزار: لم يروه عن سهل إلا عبد الرحمن بن مسعود بن نيار وهو معروف" وقلنا: إن مثل هذا لا يكفي في توثيقه "قال ابن القطان: هذا غير كاف فيما ينبغي من عدالته، فكم من معروف غير ثقة" كم من معروف لكنه غير ثقة، لكنه عرف بالضعف "والرجل لا يعرف له حال، ولا يعرف بغير هذا الحديث" يعني معرفة البزار لا تخرجه عن دائرة الجهالة، لماذا؟ رجل لا يعرف له حال، ما عرف لا بتوثيق ولا بتضعيف، إذاً مجهول، مجهول الحال، وإن عرفت عينه برواية أكثر من واحد فإن هذا لا يخرجه عن دائرة جهالة الحال؛ لأنه لا تعرف حاله، لا توثيق ولا بتضعيف، ولا يعرف بغير هذا الحديث؛ لأنه مقل في الرواية.