"وعن أنس أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه-" كانوا يسقون "فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا" يعني بدعائه -عليه الصلاة والسلام- كما تقدم يستسقون ويتوسلون فيسقون، النبي -عليه الصلاة والسلام- مات، والميت لا يتوسل به؛ لأنه لا يتصور دعاءه وهو في قبره -عليه الصلاة والسلام-، ولو أمكن ذلك ما عدلوا عنه وهو بين أظهرهم قريب منهم إلى العباس، فدل على أن الدعاء إنما يطلب من الحي لا من الميت، والتوسل بدعاء الحي لا بالميت "إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون" يعني العباس -رضي الله عنه- قال كلاماً فيه شيء من التواضع والانكسار: "اللهم إنهم توجهوا بي إليك لقربي من نبيك -عليه الصلاة والسلام- فسقوا" فنحن بحاجة إلى مثل هذا الانكسار من مثل هذا الرجل العظيم، عندنا مع الأسف أنه يوجد من بعض الخطباء شيء بل قد لا يفرقون بين الأحوال، فتجده في خطبة الاستسقاء لا يختلف وضعه عن خطبة العيد، الظروف تختلف، معاوية عنده علماء الصحابة وعلماء التابعين، عنده الأسود بن يزيد، وعنده سعيد بن المسيب، وعنده كثير من الصحابة، ما قال: يا سعيد بن المسيب يا أفقه التابعين تعال استسقِ بنا، ولا قال للأسود بن يزيد النخعي: تعال استسقِ بنا لأنك أفقه أصحاب بن مسعود، قال: يا يزيد بن الأسود، ليس معدود من فقهاء التابعين، إنما معدود مع عبادهم وزهادهم؛ لأننا في هذا الموضع نحتاج لمثل هذا، الأمة كما هي محتاجة إلى سعيد في علمه، ومحتاجة إلى الأسود بن يزيد في علمه، هي أيضاً محتاج إلى مثل يزيد بن الأسود، ومثل أويس القرني وغيرهم من العباد، ممن يتحرى منهم إجابة الدعوة، والله المستعان.
"إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون" رواه البخاري، وقال الدارقطني: لم يروه غير الأنصاري عن أبيه، وأبوه عبد الله بن مثنى ليس بالقوي" لكن الخبر في البخاري فلا كلام للدارقطني ولا لغيره.