"وعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جهر في صلاة الخسوف بقراءته" حديث عائشة صريح في كون النبي -عليه الصلاة والسلام- جهر في صلاة الخسوف بقراءته، وقد حضرت الصلاة كما في الصحيح، ودخلت أختها أسماء فاستغربت كونهم يصلون في هذا الوقت ضحى يصلون جماعة، استغربت، فاستفهمت من عائشة وهي تصلي بالإشارة، فأشارت عائشة إلى السماء، فسألتها أسماء فقالت: آية؟! فأشارت عائشة برأسها: أن نعم، فقد حضرت الصلاة، وسمعت القراءة، ولذا صرحت بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- جهر في صلاة الخسوف بقراءته، وإذا كان الخسوف الحاصل في عهده -عليه الصلاة والسلام- للشمس وجهر في صلاة الخسوف بالنهار فالجهر بالليل من باب أولى؛ لأن من أهل العلم من يرى أنه يجهر في خسوف القمر كسائر الصلوات الليلية، ولا يجهر بكسوف الشمس كالصلوات النهارية، لكن من الصلوات النهارية التي يُجمع لها يجهر بها، كصلاة العيد والاستسقاء والجمعة، فقياسها على هذه الصلوات الطارئة أولى من قياسها على الصلوات الثابتة كالظهر والعصر، بعضهم يقول: القراءة في صلاة الكسوف سرية، عائشة صرحت بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- جهر في صلاة الخسوف بقراءته، وسيأتي في حديث ابن عباس: "قياماً طويلاً نحواً من سورة البقرة" قالوا: لو جهر بها -عليه الصلاة والسلام- ما قال ابن عباس: نحواً من سورة البقرة، قال: قرأ سورة البقرة، أو قرأ سورة كذا، ما قال: نحواً لو جهر بها، لكن التصريح من عائشة -رضي الله عنها- بأنه جهر -عليه الصلاة والسلام-، والحديث متفق عليه لا يقاومه قول ابن عباس -رضي الله عنهما-: "نحواً من سورة البقرة" لما يطرقه من احتمال البعد مثلاً، بعد ابن عباس ما سمع، أو لعارض ما سمع، المقصود أن التصريح مقدم على مجرد الاحتمال.
"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جهر في صلاة الخسوف بقراءته، فصلى أربع ركعات في ركعتين، وأربع سجدات" متفق عليه" يعني من حديث عائشة ومن حديث ابن عباس وغيرهما النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى أربع ركوعات في ركعتين، وأربع سجدات، كما سيأتي تفصيله في الحديث الذي يليه.
"متفق عليه، واللفظ لمسلم".