"وعنه -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من توضأ فأحسن الوضوء)) " يعني توضأ نحو وضوئه -عليه الصلاة والسلام-، ثم أتى الجمعة: ((من توضأ)) مما يدل على أن الوضوء يكفي، ويرتب عليه هذا الثواب العظيم، وهذا من أدلة عامة أهل العلم وجماهيرهم على أن غسل الجمعة ليس بواجب، وتقدم حديث: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) وأن المعنى المراد به الوجوب اللغوي، يعني متحتم، متأكد؛ لكنه لا يعني الوجوب الشرعي، قد يقول قائل: إن الشرع جاء لبيان مصطلحاته لا المصطلحات العرفية أو اللغوية، لكن هذا المصطلح الوجوب، هذا مصطلح حادث، وقد لا يعنى به الوجوب الذي يأثم تاركه كما أن الكراهة لا تعني أن صاحبها لا يأثم، ولذلك يقول الله -جل وعلا-: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [(38) سورة الإسراء] وفيها عظائم وموبقات منها الزنا والشرك وغيرها، يعني إذا قال قائل: كيف ألقى الله بقولي غسل الجمعة مندوب وسنة ورسوله -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((واجب))؟ نقول له أيضاً: كيف تقول: إن الزنا محرم والشرك محرم والله -جل وعلا- يقول: مكروه؟ هناك فرق بين الاصطلاحات العرفية الخاصة عند أهل العلم الذين اصطلحوا عليها، وتواضعوا عليها مع الألفاظ الشرعية، هناك فروق، والذي يبين ويحدد ويبين المراد هو الأدلة الأخرى، والنصوص الأخرى ((من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل)) وهنا يقول: ((من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة، فاستمع وأنصت للخطيب غُفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام)) ذلكم لأن الحسنة بعشر أمثلها، فيغفر له عشرة أيام، ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام.