((فليؤذن لكم أحدكم)) لو وجد مثلاً مجموعة فيهم شخص أبح أو ألثغ هل يدخل في قوله: ((أحدكم))؟ إنما المأذنة لها شروط واعتبارات؛ لأنها شرعت لحكمة لا بد من تحقق هذه الحكمة، فالألثغ يغير الحروف، والأبح لا يبلغ من حوله فضلاً عن من بعد عنه فلا يصلح، ولا بد أن يكون ثقة، والثقة لا بد منها؛ لأنه بالنسبة للمؤذن مخبر، مخبر للناس عن دخول الوقت، فإذا لم يكن ثقة لا يعتمد على خبره، والثقة كما تكون في دينه تكون أيضاً في معرفته بالأوقات، لا بد أن يكون ممن يعرف الأوقات.
((وليؤمكم أكبركم)) هم جاءوا ومكثوا عند النبي -عليه الصلاة والسلام- مدة وانصرفوا، جاءوا جميعاً وانصرفوا جميعاً، إذاً ما تلقوه من النبي -عليه الصلاة والسلام- قريب من السواء، ما حفظوه من القرآن قريب من السواء، إسلامهم ومجيئهم في وقت واحد، ورجوعهم في وقت واحد، إذاً لا يتجه إليهم ((يؤم الناس أقرؤهم)) هم متساوون في القراءة، معروف أنهم جاءوا جميعاً ورجعوا جميعاً، وأخذوا شيء واحد من النبي -عليه الصلاة والسلام- على قدر واحد، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، هم لا يتفاوتون في هذا، إنما يتفاوتون .. ، وإسلامهم واحد، يتفاوتون في شيء واحد وهو السن، بعضهم أكبر من بعض، ولذا قال: ((وليؤمكم أكبركم)) لأن التفاوت بين الناس حينما يتشاحون حول الإمامة مرده إلى حديث أبي مسعود البدري ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)) ولو كان أصغرهم ((فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة)) ((فأكبرهم سناً)) وفي رواية: ((سلماً)) يعني إسلاماً، المقصود أن هذه هم تساووا في هذه الأمور، ولم يبق إلا السن، ولذا قال: ((وليؤمكم أكبركم)) ولا شك أن الكبر كبر السن له دخل مدخل شرعي في التقديم، وجاء في الحديث الصحيح: ((كبر، كبر)) فالكبير أولى من الصغير ممن هو دونه في السن في كثير من الأمور. "متفق عليه".