((أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالاً فلأهله)) لسنا بحاجة إلى ماله لورثته ((ومن ترك ديناً أو ضياعاً)) شيئاً يخشى عليه من الضياع من الذرية وغيرهم ((فإلي وعليّ)) فأنا أتكفل بهم، أتكفل بوفاء الديون، ويتكفل أيضاً بمن يخشى عليه من الضياع من الذرية، يُنفَق عليهم من بيت المال، وهذا واجب في بيت المال، قضاء الديون، لا سيما إذا عُرف أن هذه الديون ليست بسبب تساهل وتفريط من المدين؛ لأن بعض الناس يسمع مثل هذا الكلام ويقول: أستكثر وأستمتع وأتوسع ويسدد عنه، نقول له: مو بصحيح، أنت جنيت على نفسك فتحمل مسئوليتك، ولا شيء أعظم، بل أمر الدين عظيم، فإذا كانت الشهادة في سبيل الله تكفر كل شيء إلا الدين فعلى الإنسان أن يحتاط لنفسه، ويبرأ من العهدة، وأما من كان دينه بسبب قوته وقوت ولده وحاجاته الضرورية فمثل هذا يقضى من بيت المال ((من ترك ديناً أو ضياعاً)) ذرية ضعفاء هؤلاء على بيت المال ينفق عليهم.
" ((فإلي وعليّ)) رواه مسلم، وفي لفظ له" يعني لمسلم: "كان خطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة يحمد الله، ويثني عليه" فمن شرط الخطبة عند جمع من أهل العلم اشتمالها على الحمد والثناء والشهادة والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقراءة القرآن، بعضهم يشترط هذه الأمور في الخطبة، لو تخلف شيء منها ما صحت الخطبة، لا تصح الخطبة لو تخلف شيء منها، ومنهم من يقول: إن هذه أمور تكميلية جاءت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من قوله، ولم يأتِ الأمر بها، لزم النبي -عليه الصلاة والسلام- افتتاح الخطب بالحمد، وقال: ((كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء)) ولزم قراءة القرآن على ما سيأتي، فالمتجه أن هذه الأمور واجبة؛ لأنه لم يتركها النبي -عليه الصلاة والسلام- في خطبة من خطبه لبيان الجواز، ومنهم من يقول: يجزئ ما يسمى خطبة عرفاً، يكفي ما يسمى خطبة عرفاً، وبعضهم توسع توسعاً غير مرضي فقال: يكفي الذكر، فلو قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر يكفي، لكن هذه ليست بخطبة لا لغة ولا شرعاً ولا عرفاً، فلا تجزئ مثل هذه الكلمات وإن كانت هي الباقيات الصالحات، لا تجزئ في هذا المقام، لا تكفي خطبة.