"وفي رواية: "في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" متفق عليه، واللفظ لمسلم" هذا من أقوى الأدلة التي يستدل بها الحنابلة على أن صلاة الجمعة تفعل قبل الزوال، لكن إذا عرفنا طريقة أهل ذلك الزمان لا سيما في المدينة الذين نزل عليهم القرآن نجد قيلولتهم بعد الظهر {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ} [(58) سورة النور] فنومهم بعد الظهر، وإن كان الأصل أن القيلولة في وقت القائلة، وهي شدة الحر في آخر الضحى، لكن جرت عادتهم أن قيلولتهم إنما تكون بعد الظهيرة {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ} [(58) سورة النور] فلا يكون فيه مخالفة لما سبق، ولا يعارض قول الجمهور، وإلا فالحديث متفق عليه، يعني إذا قلنا: إن حديث عبد الله بن سيدان فيه كلام، فهذا الحديث متفق عليه، لكن توجيهه ما سمعتم.
"متفق عليه، واللفظ لمسلم".
"وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب وهو قائم" نعم هذا هو المعروف من عادته -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يخطب قائماً، وكان أبو بكر كذلك يخطب قائماً وعمر وعثمان وعلي، وأول من خطب جالساً معاوية -رضي الله عنه وأرضاه-؛ لأنه ثقل في آخر عمره ركبه اللحم والشحم، وضعف فصار يخطب جالساً، فجلوسه للحاجة، وأهل العلم يختلفون في حكم القيام في الخطبة، فمنهم من يرى أنه سنة؛ لأن الخطبة يمكن أن تتأدى من قعود، ومنهم من يرى الوجوب، وهذا هو الصحيح؛ لأن الأصل فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وما فعل خلافه ولا مرة؛ ليدل على الجواز، إنما خطب جميع خطبه -عليه الصلاة والسلام- قائماً، وكذلك خلفاؤه من بعده.
"كان يخطب وهو قائم يوم الجمعة فجاءت عير" العير هي الإبل المحملة بالبضائع "فجاءت عير من الشام" في وقت هم بأمس الحاجة إليها، هم محتاجون لما تحمله هذه الإبل، وهذه العير من البضائع التي تستورد من الشام.