قالت: "رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يسترني وأنا أنظر إلى الحبشة" وعائشة -رضي الله عنها- حديثة السن، صغيرة، يسرها أن تنظر إلى مثل هذا، كما يصحب الإنسان أولاده الصغار وبناته، ويذهب بهم إلى أماكن الملاعب والملاهي المباحة التي لا يصل بها الحد إلى المحظور، لا سيما في أيام الفرح في الأعياد، ففي ديننا في مثل هذه الظروف فسحة ولله الحمد، فعائشة صبية حدثة السن، يسترها النبي -عليه الصلاة والسلام- لترى ولا تُرى، يعني فرق بين أن ترى وبين أن ترى، فرؤية المرأة للرجال على سبيل العموم لا على سبيل التحديد في شخص بعينه لا مانع منه، كما تنظر إليهم إذا خرجوا من المسجد، أو تنظر إلى جماعة المصلين لا مانع، لكن لا يجوز للمرأة أن تحدد في رجل بعينه، بل حينئذٍ يجب عليها أن تغض البصر عنه، فقد أمرت النساء كما أمر الرجال، أمر المؤمنات كما أمر المؤمنين بغض البصر، وفرق بين أن ينظر إلى العموم، وبين أن ينظر إلى شخص على وجه الخصوص، هي تنظر إليهم، تنظر إلى المجموع، وتنظر إليهم أثناء اللعب، ويلعبون في المسجد، وفي بعض الروايات: بالحراب، بما يعين على الجهاد، وليس هذا من باب العبث واللعب الذي لا فائدة فيه؛ لئلا يقول قائل: ما دام هؤلاء الحبشة يلعبون في المسجد؛ لماذا لا يصير المسجد ملعب للأطفال؟ الآن المسجد مغلق إذا كان المسجد بجوار مدرسة، والمدرسة ليس فيها فناء، والمسجد مغلق خمس ساعات متوالية؛ لماذا لا يلعب هؤلاء الطلاب في المسجد في حصة الرياضة؟ نقول: مثل هذا اللعب الذي في المسجد إنما هو مما يعين على الجهاد، والأمور بمقاصدها، والوسائل لها أحكام المقاصد، أما لعب وعبث لا فائدة منه ولا فيه فإن المسلم في الأصل لا يركن إليه ولا يزاوله، الأصل في حياة المسلم الجد، وأن ينشغل بتحقيق ما خلق له من الهدف العظيم، وهو تحقيق العبودية لله -جل وعلا-، ثم بعد ذلك ينشغل بما يعين على تحقيق الهدف، فاللعب بالحراب مما يعين على ما أمر به من جهاد، ومن باب العبودية لله -جل وعلا-، أما العبث واللهو الذي يجر إلى أمور ممنوعة محرمة تنظرون أنتم من يزاول هذه الألعاب ماذا تجر عليهم من البغضاء والشحناء، وتصد عن ذكر الله، وأحياناً عن الصلاة،