الخطبة شرط لصحة الجمعة، فإذا لم يوجد من يخطب يصلونها ظهراً، ومع الأسف بالمناسبة أنه قد يوجد من يستطيع ويصلى في بعض الأحيان -وإن كانت نادرة- تصلى الصلاة ظهراً مع أن في المسجد أعداد من طلاب العلم قد يصل العدد إلى عشرة من خريجي الكليات الشرعية، بل فيهم وقد وقع من هو أستاذ في كلية شرعية في تخصص شرعي، وصلوا ظهراً، نعم قد يشق على الإنسان أن يخطب إذا لم يتعلم ويتعود الخطابة ويجبن عن مواجهة الناس في مثل هذا المقام، وقد يخطب ويحصل له ما يحصل من الوجل، ثم يخل بشيء من أركان الخطبة وشروطها، وهذا كله خلل، لا بد أن يتجاوزه طالب العلم، لا بد أن يتجاوزه طالب العلم، واحد من المشايخ يقول: لا أذكر أني دخلت مسجداً لصلاة الجمعة إلا والخطبة في جيبي، يعني ما كل الناس يتمكن من الخطبة إلقاء، يقول: ما أذكر أني صليت جمعة في مسجد إلا الخطبة في جيبي؛ لماذا؟ لأنه أحرج في مرة من المرات في أن يخطب لتخلف الخطيب، فإذا به الأمر عليه شاق؛ لأنه لم يتعود ذلك، وقد يكون الإنسان معلم ناجح، لكنه ليس بخطيب، وقد يكون خطيباً لكنه لا يستطيع التعليم، وقد يكون مؤلفاً ولا يكون معلماً والعكس، فالمسالة مسألة قدرات ومواهب، لكن على الإنسان أن يحسب حساب لمثل هذه المفاجئات.
وما زلنا في أحكام المساجد في كتاب المحرر.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعنه" يعني عن صحابي الحديث السابق وهو أبو هريرة "-رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لهذا)) " ينشد: يعني يسأل ويرفع صوته في السؤال عنها، الضالة التي ذهبت فلم يدرِ أين توجهت؟ أو غابت عن نظره ولو كانت قريبة منه، فيسأل عنها، هذا في المساجد لا يجوز، بل إذا نشدها وسأل عنها فإنه يقال له معاملة له بنقيض قصده: لا ردها الله عليك؛ لأنه حينما نشدها إنما ينشد ردها إليه، فيقال له: لا ردها الله عليك.