وتكلم فيه أبو عمر ابن عبد البر؛ لأنه تفرد به بكير بن الأخنس، قال: وليس بحجة فيما تفرد به، لكن يكفيه تخريج مسلم لحديثه، وإذا كان الحديث في صحيح مسلم فلا كلام لأحد "فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعاً، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة" بعضه له ما يشهد له، حديث عائشة: "فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فأتمت صلاة الحضر أربعاً، وأقرت صلاة السفر" هذا يشهد لهذا فكون الصلاة في الحضر أربعاً، وفي السفر ركعتين هذا محل اتفاق، محل إجماع، وليس فيه ما ينكر، لكن "في الخوف ركعة" والحديث في صحيح مسلم، وليس لأحد كلام لا ابن عبد البر ولا غيره، وبُكير بن الأخنس ثقة، وثقه جمع من أهل العلم، بل لم يتكلم فيه أحد من أهل العلم إلا ما ذكر ابن عبد البر أنه لا يقبل تفرده، وعامة أهل العلم على خلاف ذلك، فالحديث صحيح في الحضر أربعاً، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة، إذا كان السفر وهو مظنة للمشقة، وخففت الصلاة من أجل هذه المشقة المظنونة، فما نسبة مشقة السفر إلى نسبة الخوف؟ في الجهاد أو في صائل يصول على المسلم يريد الفتك به هذا خوف، هذا أشد من مشقة السفر، فالتخفيف في الخوف إلى ركعة ليس فيه ما يستنكر، مثل ما قلنا: إذا كان السفر وهو مظنة للمشقة يخفف عن المسلم نصف صلاته فلئن يخفف عنه في الخوف إلى هذا الحد يعني من باب أولى.
"فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعاً، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة" هل هذا مرفوع أو موقوف؟ يعني هل يمكن ابن عباس أن يقول من تلقاء نفسه؟ أو عائشة تقول من تلقاء نفسها؟ "فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فزيد في الحضر، وأقرت صلاة السفر" يعني ركعتين، هل يمكن أن تقول عائشة: "فرضت" استنباطاً منها؟ أو يقول ابن عباس: "فرض الله الصلاة على لسان نبيكم"؟ لا، بل الحديث له حكم الرفع.