وعلى كل حال إذا وجدت المشقة التي يصعب معها العمل، ولو احتملت إذا كان يصعب معها العمل؛ لأن هناك أشياء توجد من زيد تحمله على أن يصلي في بيته، وتوجد من عمرو بل قد يوجد أشد منها فلا يعذر نفسه حتى يصلي مع الناس في المسجد على الوجه المأمور به، فهذا يتحمل وهذا لا يتحمل، فمن الذي برئت عهدته من سقوط الواجب بيقين؟ وقل مثل هذا في الأعمال، أعمال الدنيا الواجبة بعض الموظفين يتعلل ويتعذر بأدنى مرض، إذا زكم ما داوم، وبعضهم يحمل على نفسه بما يتضرر به، ودين الله وسط بين الغالي والجافي، والواحد من الصحابة يؤتى به يهادى بين الرجلين فيقف في الصف، وبعض الناس لأدنى سبب تجده يصلي في بيته، ويصلي جالساً مع قدرته على القيام، مع قدرته على الذهاب إلى المسجد، لا شك أن هذا تفريط، وإذا حمل على نفسه، وحضر مع الجماعة بما يتسبب عنه الزيادة في المرض، أو تأخر البرء لا شك أن هذا فيه إفراط، ودين الله -جل وعلا- وسط بين هذا وهذا، وكل إنسان يعرف من نفسه، فإذا كان مرضه يعوقه عن حضور الجماعة بحيث لا يستطيع الحضور بوجه هذا لا يمكن أن يكلف بحال، وإذا كان ذهابه إلى المسجد أو صلاته قائماً يترتب عليه زيادة في مرضه، الطبيب قال له: اجلس، أو قال له: لا تركع لا تسجد، أجرى عملية في عينه قال له: لا تركع، إذا ركعت زاد المرض، أو تأخر البرء، نقول له حينئذٍ: لا تركع ولا تسجد، وتجد بعض الناس يخالف ويركع ويسجد، وهذا لا شك أن الباعث عليه الحرص على أداء العبادة بيقين، لكن الشرع جاء بما يحقق المصالح دون ارتكاب أدنى مفسدة، دون ارتكاب المفاسد، فعلى الإنسان أن يتوسط في أموره، لا يجد العذر لنفسه لأدنى سبب فيترك الجماعة، ويترك بعض الواجبات من أجل أنه عنده نوع مرض، كما قيل مثل ذلك في الصيام، يعني وجد من السلف وهذا نادر، يعني ما عثر عن واحد بس، أو أثر عن واحد أنه أصيب في إصبعه فأفطر، ورئي يأكل قال: نعم أنا مريض هذا إصبعي، هذا مقبول؟ لا، هذا ليس بمقبول، هذا لم يقل به غيره إن صح عنه؛ لأنه استعمل المرض بإطلاقه {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا} [(184) سورة البقرة] وهذا نوع مرض، لكن هذا ليس بصحيح، المقصود بالمرض الذي يؤثر فيه الصيام، شخص مريض