بعض الناس يمل من التكرار، ويود أن كل ما يوجد من تكرار في الكتب يحذف، ويتمنى أنه في جميع العلوم يقتصر على الصافي، يؤلف كتاب ما فيه مكررات، ثم يؤتى للكتاب الآخر وتذكر زوائده والثالث كذلك والرابع كذلك، فيجمع مكتبة حديثية مكتبة فقهية مكتبة .. ، في كل العلوم تحدث المكررات، وبدلاً من أن تكون الكتب في بعضها ما في البعض الآخر تطويل بغير طائل، نقول: لا يا أخي، هذا التكرار مفيد، ومقصود لأهل العلم، فأنت إذا درستَ متناً باعتبارك مبتدئاً، وهذا المتن يشتمل على خمسمائة مسألة مثلاً، ثم لما انتهيت منه انتقلت إلى المتن الذي يليه، نصور ذلك بعمدة الفقه مثلاً التي ألفها الموفق للمبتدئين، انتهيت من هذا الكتاب تنتقل إلى المرحلة التي تليها المقنع للإمام الموفق وقد ألفه للطبقة الثانية، هل من الحسن أن يقال: لا تنظر في جميع الكتاب المسائل التي مرت عليك بالعمدة اتركها؟ ضياع وقت، يعني هل وصل بالمسلم من الحرص على وقته أن يستضيق بمثل هذه الأمور؟ أهل العلم رتبوا هذه الأمور، وجعلوا بعضها يتركب أو مرتبٌ على بعض لترسخ هذه العلوم، كي ترسخ هذه العلوم، أنت إذا قرأت المسألة في كتاب ثم قرأتها في كتابٍ آخر بشكلٍ أوسع لا شك أن هذه المسألة تثبت عندك، ولذا المطالبة من بعض الناس أن تكون العلوم متكاملة، هذه دعوى، يعني اللي تدرسه في الحديث لا تدرسه في الفقه، واللي تدرسه في الفقه لا تدرس في التفسير إن مر عليك، هذه دعاوى تضيع يا أخي، يعني مسألة تمر عليك مرة واحدة تضبط هذه المسألة، تمر عليك في كتاب فيها شيء من الاستغلاق، تمر عليك في كتابٍ آخر صحيح مكررة لكن مبسوطة بأسلوبٍ أوضح، وإلا كان يلغى التأليف بعد المتقدمين، خلاص الفقه لسنا بحاجة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015