النووي يقول: أجمع العلماء على ترك العمل بحديث ابن عباس بالجمع، ونقل أيضاً الإجماع على عدم قتل الشارب ولو تكرر منه ذلك، وكلٌ من الإجماعين مخدوش، أما بالنسبة لقتل الشارب فداود وابن حزم يقررون بأن الشارب يقتل إذا لم يردعه الحد في المرة الأولى والثانية والثالثة يقتل في الرابعة، ويرجحه السيوطي وأحمد شاكر، لكن لا يستدرك على النووي بمن تأخر عنه، ولا بالظاهرية لأنه لا يعتد بقولهم.

شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم يرون أن الشارب إذا لم يردعه الحد وتواطأ الناس على الشرب، وكثر الشرب في المجتمع الإسلامي ولم يرتدع الناس بالحد أن الشارب يقتل تعزيراً؛ لكي يرتدع هو وغيره، يرتدعون عن الشرب، فهو محكم وليس بمنسوخ.

وعند فقد العلم بالمقدمِ ... فأرجح النصين فليقدمِ

"وعند فقد العلم بالمقدمِ" عندنا نصان متعارضان في الظاهر، وما استطعنا أن نوفق بينهما بأي وجه من وجوه الجمع ولا عرفنا المتقدم من المتأخر ماذا نصنع؟ نرجح، "فأرجح النصين فليقدمِ" وجوه الترجيح كثيرة جداً بين النصوص، وجوه الترجيح كثيرةٌ جداً هي عند الحازمي بلغت الخمسين، وعند الحافظ العراقي في نكته على ابن الصلاح زادت على المائة، والترجيح كما تعرفون إذا أمكن أولى من التوقف، وأحياناً يرجحون بالقشة، وكثير من المرجحات لا تنهض للترجيح، وكثيرٌ منها مختلفٌ فيها اختلافاً متبايناً.

فمثلاً: من وجوه الترجيح عندهم: إذا وجدنا نصاً يتضمن التيسير ونص يتضمن التشديد قال بعضهم: نرجح ما تضمن التيسير؛ لأن طبيعة الشريعة سهلة، والدين يسر، وقال بعضهم: العكس، نرجح ما تضمن التشديد؛ لأن الشريعة شريعة تكاليف وعبودية، والخروج من العهدة بيقين في الأشد، هذا مرجح عندهم.

المقصود أن هذه المرجحات الكثيرة التي ذكروها كثيرٌ منها مختلفٌ فيه، وكثيرٌ منها في غاية الضعف، لكن هناك وجوه للترجيح معروفة ومتفق عليها عند أهل العلم.

. . . . . . . . . ... فأرجح النصين فليقدمِ

"ككونه أشهر" ككونه أشهر، عندنا نص صحيح وجدنا آخر يعارضه صحيح أيضاً، لكن أحدهما أشهر، يعني يروى من طرق كثيرة متباينة سالمة من القوادح مثل هذا يرجح على غيره، وسبق أن قلنا: إن الشهرة قرينة على القطع بقبول الخبر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015