الأول والثاني دلالة التزام (إِنْ بِعَقْلٍ التُزِمْ) واللازم العقلي قد يوافقه الخارج وقد لا يوافقه، إذًا نوعان من اللازم يسمى دلالة التزام، وأما الثالث الذي هو اللازم الخارج فقط فهذا لا يسمى دلالة التزام عند المناطقة، هنا قال: (إِنْ بِعَقْلٍ التُزِمْ). إن في عقلٍ شرطٌ حذف جوابه لدلالة قوله: ... [فهو التزام عليه، والمعنى أن الدلالة على اللازم تسمى التزامًا]. متى عند المناطقة؟ [إن التزم ذلك اللازم في العقل] يعني عدم الانفكاك يكون بالعقل لا بالعادة، [إن التزم ذلك اللازم في العقل أي الذهن، بأن لزم من تصور الملزوم] الذي هو مدلول اللفظ الذي وضع له معنى اللفظ في لسان العرب [بأن لزم من تصور الملزوم في الذهن تصور ذلك اللازم فيه، سواء لزم مع ذلك في الخارج كالزوجية للأربع، أو لم يلزمه في الخارج بل كان منافيًا له فيه كالبصر للعمى] هذان نوعان للازم، لازم في الذهن والخارج كالزوجية للأربع، لازم في الذهن فقط لا في الخارج كالبصر للعمى، [وخرج بذلك القيد] (إِنْ بِعَقْلٍ التُزِمْ) [القيد اللازم في الخارج فقط دون الذهن كالسواد للغراب] فهو لازم له، لكنه في الخارج، [فلا يسمى دلالة لفظ الغراب عن السواد دلالة التزام]، وإن كان لازمًا له في الخارج، لأنه من جهة العادة لا العقل [لعدم لزوم السواد له في العقل، وإن لزمه في الخارج]، إذًا فهو دلالة التزامٍ بشرط أن يكون اللازم مستصحبًا في العقل سواء وجد معه في الخارج أو لا، وأما ما كان لازمًا في الخارج فقط فهذا لا يسمى دلالة التزام عند المناطقة، والله أعلم.

وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

- - -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015