* فصل في أنواع العلم الحادث.
* فصل في أنواع الدلالة الوضعية.
فَصْلٌ فِي أنْوَاعِ العِلْمِ الحَادِثِ
المراد بالعلم هنا مطلق الإدراك، لا إدراك النسبة التصديقية فقط كما هو اصطلاح بعض الأصوليين ليصح انقسامه إلى التصور والتصديق الآتيين. الْحَادِث تقييد للعلم لإخراج علمه تعالى فإنه لا يتنوع، ولأن العلم مفسرٌ بالإدراك الذي هو وصول النفس إلى المعنى، وذلك يشعر بسبق الجهل تنزه الله عنه، ولأن التصور الآتي مفسرٌ بحصول الصورة في النفس، وهو من خواص الأجسام، فلا يوصف علمه تعالى بالتصور ولا بالتصديق لإيهام ما لا يليق مع أن ذكر الأنواع مخرجٍ للعلم القديم، فالجمع بينه وبين الحادث للتوكيد.
ــــــــــــــــــ - الشرح - ــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد.
قال الناظم رحمه الله تعالى: (فَصْلٌ فِي أنْوَاعِ العِلْمِ الحَادِثِ) التي هي أربعة كما يُعْلَم من استقصاء كلامه رحمه الله تعالى كما هو معلومٌ في موضع كلام المناطقة في هذا المحل، العلم عندهم علم تصور وعلم تصديق، وكلٌّ منهما إما نظري أو ضروري، علم تصور نظري، وعلم تصور ضروري هذان قسمان، وعلم تصديق نظري، وعلم تصديقٍ ضروري، القسمة حينئذٍ تكون رباعيةً.
(أنْوَاعِ العِلْمِ الحَادِثِ)، (الحَادِثِ) أراد به أن الكلام في العلم الذي هو صفةٌ للمخلوق، وأما علم الخالق جل وعلا فلا ينقسم إلى تصور ولا تصديق ولا يوصف بكونه ضروريًّا ولا نظريًّا، لأن الصفات توقيفية، هذا الأصل فيها وإن كان الناظم أو الشارح قد وجه توجيهًا آخر، لكن الأصل في الصفات أنها توقيفية فما لم يرد الوصف فالأصل فيه التوقف، وأما قوله: (أنْوَاعِ). هل يخرج علم الله تعالى أم لا؟ هذا على نزاعٍ عند الأشاعرة، وقد ذكر أنه مما يحترز به عن علم الله تعالى، لأنه لا يتنوع، وظاهر الكتاب والسنة أن علم الله تعالى يتنوع باعتبار المعلوم، لأن العلم بزيد ليس كالعلم بعمرو، والعلم بعمرو ليس كالعلم بغيره.