وهذا خلل كبير عند طلاب العلم، الطلاب ما شاء الله، يعني: عددكم أنتم الآن الحضور يكفي في مكة يعني، يعني يكون العدد هذا طلاب علم على قوة إن شاء الله تعالى حضور بعد الفجر، وبعد المغرب، وبعد العشاء، هذا يدل على همة إن شاء الله عالية جيدة، ويدل على رغبة، وقوية ليست برغبة ضعيفة، لكن الخلط في المنهجية هو الذي يسبب الانحراف، العجلة والتخلص من المختصرات، والدخول في المتوسطات لم يتقن الكتاب السابق، ما تدخل لا ترضى أن تقرأ كتاب متوسط أو منتهي وأنت لم تضبط الكتاب السابق، فُتح درس دَرَّس فلان لو طلع من قبره من مِن أئمة الدين لا تحضر، نعم صحيح ما دام أنك ما ضبطتَ كتاب المبتدئين تحضر لأي شيء؟ شهوة؟ على كلٍّ (بِهِ إِلَى المُطَوَّلاَتِ يَهْتَدِي) يهتدي به، يعني: بسببه إلى المطولات (من الكتب)، يعني: يتوصل بها.
- - -
فَصْلٌ فِي جَوَازِ الاِشْتِغَالِ بِهِ
وَالخُلْفُ فِي جَوَازِ الاِشْتِغَالِ ... بِهِ عَلَى ثَلاَثَةٍ أَقْوَالِ
فَابْنُ الصَّلاَحِ وَالنَّوَاوِي حَرَّمَا ... وَقَالَ قَوْمٌ يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَا
وَالقَوْلَةُ المَشْهُورَةُ الصَّحِيحَهْ ... جَوَازُهُ لِكَامِلِ القَرِيحَهْ
مُمَارِسِ السُّنَّةِ وَالكِتَابِ ... لِيَهْتَدِي بِهِ إِلَى الصَّوَابِ
[(فَصْلٌ فِي جَوَازِ الاِشْتِغَالِ بِهِ) أي وعدمه. واعلم أن المنطق قسمان: قسم خال عن شبه الفلاسفة كهذا الكتاب و ((مختصر الإمام السنوسي))، ((وتأليف الكاتبي)) فهذا لا خلاف في جوازه، ولا يصد عنه إلا من لا معقول له، بل هو فرض كفاية لأن القدرة على رد شبه الفلاسفة لا تحصل إلا به، وردها فرض كفاية، وما يتوقف عليه الواجب واجبٌ. القسم الثاني: مختلط بشبه الفلاسفة، وهذا هو الذي جرى في الاشتغال به خلاف. والمصنف لما أراد أن يذكر حكم القسم الأول الذي أراد تأليف الكتاب فيه جره ذلك إلى ذكر حكم المنطق مطلقًا، فحكى الخلاف الواقع في القسم الثاني إلا أنه أطلق فيجب تقييد كلامه به.
(وَالخُلْفُ) أي الاختلاف، (فِي جَوَازِ الاِشْتِغَالِ ** بِهِ) أي بالمنطق جار (عَلَى ثَلاَثَةٍ) بالتنوين (أَقْوَالِ) بدلٌ من ثلاثة (فَابْنُ الصَّلاَحِ وَالنَّوَاوِي) نسبةً إلى نوى على غير قياس، والقياس حذف الألف (حَرَّمَا) أي الاشتغال به، وتبعهما على ذلك قومٌ من المتأخرين لأنه لا يؤمن على الخائض فيه من أن يتمكن في قلبه شبهةٌ فيزل بها (وَقَالَ قَوْمٌ) منهم الغزالي) (يَنْبَغِي) أي يجب كفايةً أو يستحب (أَنْ يُعْلَمَا) حتى قال الغزالي: من لا معرفة له بالمنطق لا يوثق بعلمه، وسماه معيار العلوم، ... (وَالقَوْلَةُ المَشْهُورَةُ الصَّحِيحَهْ ** جَوَازُهُ) أي الاشتغال به (لِكَامِلِ القَرِيحَةْ) أي ذكي الفطنة، (مُمَارِسِ السُّنَّةِ وَالكِتَابِ) فيجوز له (لِيَهْتَدِي بِهِ إِلَى الصَّوَابِ) ضد الخطأ، لأنه قد حصن عقيدته، فلا يخشى عليه من الخوض في الشبه، فإن كان بليدًا أو ذكيًا ولم يمارس السنة والكتاب لم يجز له الاشتغال به، لأنه لا يؤمن عليه من تمكن بعض الشبه من قلبه كما وقع للمعتزلة، ومن هنا منعوا الاشتغال بكتب علم الكلام المشتملة على تخليطات الفلاسفة إلا لمتبحر.