وهذا يتضح كذلك بقواعد الأصولية مقتضى الأمر للوجوب، أليس كذلك؟ مطلق الأمر للوجوب يدخل تحته ما لا حصر مما يصدق عليه أنه مطلق الأمر، إذًا [قضية كلية يتعرف بها] بسببها [أحكام جزئيات موضوعها]، مَثَّلَ هنا بما يتعلق بالمنطق، ولا يفهم إلا بدراسة ما سيأتي، [كقولنا: كل موجبة كلية تنعكس جزئية] هذه قاعدة، [وكيفية تعريف] أو تَعَرُّف [أحكام الجزئيات أن تقول مثلاً: كل إنسان حيوان موجبة كلية] هذه مقدمة صغرى، [وكل موجبة كلية تنعكس جزئية] هذه مقدمة كبرى، وكل منهما لا بد أن يكون معلومًا [فينتج من الشكل الأول كل إنسان حيوان تنعكس جزئية، وذلك مثل قولك: بعض الحيوان إنسان]، وهذا يعرف بما سيأتي، المراد هنا أن فن المنطق الذي يعينه أربابه إنما هو قواعد، والقواعد المراد بها قضية كلية يتعرف بها أحكام جزئيات موضعها.
(تَجْمَعُ مِنْ فُنُونِهِ فَوَائِدَا)، [(تَجْمَعُ) تلك القواعد] كعادتها لأنها إذا لم تجمع لا تكون قاعدة، وإنما تكون قاعدة إذا دخل تحتها عدد كثير، [(تَجْمَعُ) تلك القواعد]، أو تجمع أنت، يجوز أن يكون الخطاب هنا للطالب نفسه (تَجْمَعُ مِنْ فُنُونِهِ فَوَائِدَا)، [(مِنْ فُنُونِهِ) أي المنطق، والجمع للتعظيم] فنون هو فن واحد، جمعه باعتبار ماذا؟ باعتبار تعدد أبوابه، وأطلق على كل واحدة منها فنًا من باب التعظيم. (فَوَائِدَا) الألف للإطلاق كقوله: (قَوَاعِدَا). فيما سبق [(فَوَائِدَا) جمع فائدة وهو] لو قال: هي. لأنه أراد به لفظ (فَوَائِدَا). [ما استفيد من العلم] ما استفيد من مال، أو جاه، أو علم، كل ما كان فيه فائدة يسمى فائدةً، سواء كان في العلم، أو كان في الجاه، أو كان في المال، [والمراد بها الفروع]، يعني: تجمع من فنونه فوائد. ما المراد بالفوائد هنا؟ المراد بها الفروع، يعني: الجزئيات. التي تدخل تحت القواعد، لأن معرفة القواعد لوحدها دون استخراج الجزئيات التي تدخل تحت القاعدة هذا نسخة مكررة، يعني: لا فائدة فيه لطالب العلم، [والمراد بها الفروع المندرجة تحت القواعد أي تجمع القواعد فروعًا وجزئيات من فن المنطق] وهذا واضح، [ويصح عود الضمير في تجمع إلى المخاطب أي تجمع أنت أيها المخاطب، بسبب حفظ تلك القواعد فروعًا من فن المنطق] مع المراعاة، وأما إذا لم تكن مراعاة فلا فائدة فيها البتة، وإنما هي نسخة مكررة تحفظ ولا تستفيد شيئًا.