(وَكُنْ) المراد بها الناظر في هذا الكتاب (أَخِيْ) ناداه بالإخوة استعطافًا له ليخفف الاعتراض واللوم ويلتمس له المعذرة (لِلمُبْتَدِي) هو الآخذ في التعليم (مُسَامِحَا) أي كن مسامحًا للمبتدي غير معترض عليه، بل التمس له المعذرة أو أصلح ما ينبغي إصلاحه بأن تلحق بهامشه في الحال التي تُوهِم الخطأ فيها كقولك: لعل المراد كذا. إذ ربما يكون ما جعلته صوابًا هو الخطأ، فلا يهجم ببادئ الرأي على التخطئة، هذا تواضع من المصنف حيث وصف نفسه بكونه مبتدئًا ولم يأمن من وقوع الخطأ، ... (وَكُنْ لإِصْلاحِ) اللام بمعنى الباء أو في (الفَسَادِ) الذي يظهر لك ... (نَاصِحَا) لا تأت بعبارات فيها سوء أدب، (وَأَصْلِحِ الفَسَادَ بِالتَّأَمُّلِ) هذا إذن من المصنف لمن رأى خللاً أن يصلحه بعد التأمل، وإمعان النظر لمن يكون أهلاً لذلك (وَإِنْ بَدِيهَةً) أي وإن كان الإصلاح ذا بداهة ببادئ الرأي (فَلاَ تُبَدِّلِ) ولا تأت بما يدل على أن الصواب خلاف ما ذكر، (إِذْ قِيلَ) لأنه قيل (كَمْ) خبرية مبتدأ مضافة إلى (مُزَيِّفٍ) قولاً (صَحِيْحًا) أي كم شخص جاعل الصحيح مزيفًا أي معيبًا رديئًا (لِأَجْلِ كَوْنِ فَهْمِهِ قَبيِحَا) علة لمزيف وخبر (كَمْ) محذوف أي موجود وهذا إشارة إلى قول الشاعر:
وكم من عائب قولاً صحيحًا ... وآفته من الفهم السقيم
(وَقُلْ لِمنْ لَمْ يَنْتَصِفْ لِمَقْصِدِي) بلا مين، (العُذْرُ حَقٌّ وَاجِبٌ لِلمُبْتَدِي)، (وَلِبَنِي إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَهْ ** مَعْذِرَةٌ) أي عذر (مَقْبُولَةٌ مُسْتَحْسَنَهْ) لكون هذا السن يقل فهم من فيه العلم، (لَاسِيَّمَا) أي مثل الشخص الذي هو (فِي عَاشِرِ القُرُونِ)، وفي القرون أقوال أشهرها أنها مائة سنة، فهذا القرن ينبغي أن يُعذر فيه الشخص أكثر مما كان قبله، ... (ذِي الجَهْلِ) وهو انتفاء العلم بالمقصود أي صاحب الجهل لكثرة جهله بسبب تأخر الزمان وتتابع الفتن التي لم تكن في العصر الخالية (وَالفَسَادِ وَالفُتُونِ) جمع فتنة.
ــــــــــــــــــ - الشرح - ــــــــــــــــــ