[(فَتِلْكَ) المذكورات (جُمْلَةُ اليَقِينِيَّاتِ) التي يتألف البرهان منها لإنتاج اليقين] إذًا (وَحَدَسِيَّاتٍ) والظاهر أنها من الظنيات (مَحْسُوسَاتِ) هي نفسها المشاهدات حينئذ صارت خمسة (فَتِلْكَ جُمْلَةُ اليَقِينِيَّاتِ)، وسبق أن النظرية التي تنتهي إلى ضرورة أنها كذلك داخلة هنا، فهنا جملة اليقينيات ترد عليها أن اليقينيات قد تكون نظرية فكيف يحصرها في الضروريات؟ وهو أراد أن يبين اليقينيات بمعنى الضرورية. يجاب بأنها لما كانت النظريات لا بد أن تنتهي للضروريات صارت كأنها ضرورية فهي داخلة فيها.
- - -
وَفِي دَلاَلَةِ المُقَدِّمَاتِ ... عَلَى النَّتِيجَةِ خِلاَفٌ آتِ
عَقْلِيٌّ اوْ عَادِيٌّ اوْ تَوَلُّدُ ... أَوْ وَاجِبٌ وَالأَوَّلُ المُؤَيَّدُ
(وَفِي دَلاَلَةِ المُقَدِّمَاتِ) العلم أو الظن بها (عَلَى) العلم أو الظن بـ (النَّتِيجَةِ) أي في الارتباط بينهما (خِلاَفٌ آتِ) ذكره في البيت بعده، ولما كان للدليل ارتباط بالمدلول سُمِّيَ ذلك الارتباط دلالة، ثم ذكر الخلاف بقوله: (عَقْلِيٌّ)، أي الارتباط بينهما عقليّ لا يمكن تخلفه فلا يمكن تخلف العلم أو الظن بالنتيجة عن العلم أو الظن بالمقدمتين، بمعنى أن الله تعالى إن شاء أوجد بقدرته العلم أو الظن بالمقدمتين أو العلم أو الظن بالنتيجة، ولا تتعلق القدرة بالعلم أو الظن بالمقدمتين بدون العلم أو الظن بالنتيجة، فهما متلازمان تلازمًا عقليًّا كتلازم العرض أو الجوهر لا يمكن وجود أحدهما بدون الآخر، وهذا لإمام الحرمين. (اوْ) بمعنى الواو أي والثاني أن الربط بينهما (عَادِيٌّ) بمعنى أنه يجوز تخلف العلم أو الظن بالنتيجة عن العلم أو الظن بالمقدمتين بأن ينتهي شخص في البلادة إلى أن يعلم المقدمتين ولا يعلم النتيجة لعدم تفطنه لاندراج الأصغر تحت الأوسط، وفي التصوير نظر إذ من الشروط التفطن لاندراج الأصغر تحت الأوسط، وهذا القول للشيخ الأشعري. (أَوْ) بمعنى الواو أي والثالث أن الارتباط بينهما (تَوَلُّدُ) بمعنى أن القدرة الحادثة أثرت في العلم أو الظن بالنتيجة بواسطة تأثيرها في العلم أو الظن بالمقدمتين، إذ التولد أن يُوجِد فعل لفاعله فعل، وهذا القول للمعتزلة وهو باطل لقيام البرهان على أنه لا تأثير للعبد في شيء من الأفعال الاختيارية (أَوْ) بمعنى الواو: أي والرابع أن الارتباط بينهما (وَاجِبٌ) بالتعليل بمعنى أن العلم أو الظن بالمقدمتين علة أثرت بذاتها في العلم أو الظن بالنتيجة، وهذا للفلاسفة، وهو باطل لقيام البرهان على انتفاء تأثير العلة والطبيعة وأنه تعالى هو الفاعل المختار (وَالأَوَّلُ) من هذه الأقوال هو (المُؤَيَّدُ) القوي لعدم ورود شيء عليه.
ــــــــــــــــــ - الشرح - ــــــــــــــــــ